للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد كان فقيهًا، فاضلًا، سليم الباطن، كثير السكوت، رافق الحافظ الضياء المقدسي في عدد من رِحلاته في العلم إلى مصر وبغداد، وتوفي محمد بن البهاء عن ابنتيه فاطمة وآمنة وكانتا من الصالحات العابدات (١).

عمل والد البهاء إمامًا في أهل ساويا، وكان ذا خلق كريم، قال الضياء المقدسي عنه: «ولد في حدود سنة خمس وعشرين وخمسمئة، وسألت عنه خالي الموفق فقال: كان رجلًا كاملًا حسن الخلق، كان يمازحني وأنا صغير، وكنت أحبه لحسن خلقه» (٢).

نشأ البهاء نشأة أشبه باليتم، فبعد أن هاجر به والده من فلسطين ورحل عنه إلى مصر تاجرًا طالبًا للرزق توفيت والدته - رحمها الله - وهو دون سن البلوغ، ويظهر لي من خلال النصوص الآتية أن والده لم يترك له ما يكفي لمعيشته، ولعل سبب ذلك قرب هجرته من فلسطين وترك داره في الساويا.

واتفق في هذه الأثناء قدوم الحافظ عبد الغني المقدسي من الإسكندرية، ويسر الله للبهاء عناية الحافظ به من ذلك الحين عناية علمية، فدربه على الكتابة، وأعطاه رزقًا (٣)، وختم البهاء على الحافظ عبد الغني القرآن في نحو سنة (٥٧٠ هـ)، وكان عمره آنذاك خمس عشرة سنة.

وكان مما جرى بين البهاء وبين الحافظ مباحثات، منها: سؤال البهاء له بقوله: «هؤلاء المشايخ يُحكى عنهم من الكرامات ما لا يُحكى عن


(١) تاريخ الإسلام ١٥/ ٦٥٢، ١٥/ ٧٣٤.
(٢) التنويه والتبيين في سيرة محدث الشام الحافظ ضياء الدين المقدسي ص ٣٦.
(٣) الرزق: بالكسر أو الفتح هو العطاء، قال ابن فارس: «الراء والزاء والقاف أصل واحد يدل على عطاء لوقت، ثم يحمل عليه غير الموقوت». ينظر: مقاييس اللغة ٢/ ٣٨٨، ولسان العرب ١٠/ ١١٥، وتاج العروس ٢٥/ ٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>