للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء، أيش السبب في هذا؟ فقال: اشتغال العلماء بالعلم كرامات كثيرة - أو قال: تُريد للعلماء كرامة أفضل من اشتغالهم بالعلم - وقد كان للحافظ كرامات كثيرة» (١).

ثم رحل البهاء في سنة اثنتين وسبعين إلى حرّان في حلْقة الشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي (ت ٦١٤ هـ)، ولقي في حرّان الشيخ أحمد بن أبي الوفاء (ت ٥٧٥ هـ) المعروف بغلام أبي الخطاب وسمع منه، ولقي سليمان بن أبي العطاف (ت ٦٢٧ هـ).

وفي هذه الحقبة من تاريخه يحدثنا البهاء عن نفسه فيما نقله عنه تلميذه أبو العباس سيف الدين أحمد بن عيسى بن الشيخ الموفق عبد الله ابن قدامة فيقول (٢): «فأَلِفْتُهم، وأُشير علي بالمقام بها لأجود حفظ الختمة، فقعدت بها في دار ابن عبدوس فأحسن إلي، وقرأت القرآن على جماعة في ستة أشهر، وصليت التراويح بهم، وكنت أستحي كثيرًا، فأفرغ وقد ابتل ثوبي من العرق في البرد، فجمعوا لي شيئًا من الفطرة من حيث لا أعلم، واشترى لي ابن عبدوس دابةً وجهزني.

وسافرت مع حجاج حران إلى بغداد، وقد سبقني العماد ومعه ابن أخته عبد الله بن عمر بن أبي بكر، والشهاب محمد بن خلف، فسمعت بالموصل على خطيبها جزءًا، ثم دخلت بغداد وقد مات الشيخ علي البطائحي فحزنت كثيرًا، لأنني كنت أريد أن أقرأ عليه الختمة.

ثم سمعنا الحديث، فأول جزء كتبته: جزء من حديث مالك، على شُهدة، ولم ندرك أعلى سندًا منها، وسمعنا عليها: معاني القرآن للزجاج، ومصارع العشاق للسراج، وموطأ القعنبي.


(١) ذيل طبقات الحنابلة ٣/ ٢٠.
(٢) نقلت ما قاله البهاء عن نفسه في هذا الموضوع بأكمله، للإحاطة بسيرته إجمالًا، ثم نقلت منها أجزاء بعد ذلك فيما يناسب الحديث عن حياته العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>