للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي أثناء الطريق إلى بغداد نزل بالموصل وسمع على خطيبها جزءًا، ثم رحل إلى بغداد قاصدًا الشيخ علي البطائحي (ت ٥٧٢ هـ) ليختم عليه القرآن، ولكن الشيخ عليًّا وافته المنية قبل أن يدركه البهاء فحزن عليه حزنًا كثيرًا، فقد كان الشيخ علي مقرئًا شهيرًا عالمًا بالقرآن وبالقراءات العشر بارعًا فيها وباللغة العربية (١).

وأدرك في بغداد المعمَّرة الشيخة شُهدة بنت أحمد الإبري الكاتبة (ت ٥٧٤ هـ) مسندة العراق، فكان أول جزء كتبه وقرأه عليها جزء حديث مالك، قال البهاء: «ولم أدرك أعلى سندًا منها»، وسمع عليها: معاني القرآن للزجاج، ومصارع العشاق للسراج، والموطأ للقعنبي كما مر في النقل عنه (٢)، وكتاب التوكل لابن أبي الدنيا (٣).

وسمع ببغداد أيضًا من عبد الحق بن عبد الخالق اليوسفي كثيرًا (ت ٥٧٥ هـ)، وكان من المحدثين المشهورين ببغداد، قال البهاء: «وكان من بيت الحديث، فإنه روى لنا عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه» (٤)، وسمع عليه: الإبانة للسجزي بقراءة الحافظ عبد الغني المقدسي، وقال البهاء: «ومرضت ففاتني مجلس، وكان - الشيخ عبد الحق - يمشي معي من بيته إلى مكي الغراد فيعيد فوتي» (٥)، وقال أيضًا: «ورزقت منه حظًّا؛ لأنه كان يراني منكسرًا مواظبًا، وكان يعيرني الأجزاء أكتبها»، وروى عنه البهاء في حديثه كثيرًا.

وسمع ببغداد أيضًا على أبي هاشم عيسى بن أحمد الدوشابي (ت ٥٧٥ هـ)، وفيه قال: «وسمعت على أبي هاشم الدوشابي، وكان هراسًا يربي الحمام، فقلت لرفيقي عبد الله بن عمر: أريد أفاتحه في


(١) تاريخ الإسلام ١٢/ ٥١٢.
(٢) المصدر السابق.
(٣) ينظر: ص ٦٣.
(٤) تاريخ الإسلام ١٢/ ٥٥٤.
(٥) تاريخ الإسلام ١٣/ ٧٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>