للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يبطل الاعتكاف بشيءٍ من ذلك؛ لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحرمه كالصوم.

[٩٧٩/ ٢٨] مسألة: (ولا يستحب له إقراء القرآن، والعلم، والمناظرة للفقهاء (١) ومذاكرتهم وكتابة العلم، وحكي فيه روايتان: إحداهما يستحب، اختارها أبو الخطاب (٢)؛ لأن ذلك أفضل العبادات لتعدي نفعه، ويمكن فعله في المسجد فكان مستحبًا له كالصلاة.

والثانية: لا يستحب وهو ظاهر المذهب؛ لأن الاعتكاف عبادةٌ شُرطَ لها المسجد فلم يستحب ذلك فيها كالطواف والصلاة، وعلى هذه الرواية فِعْلُه لهذه الأشياء أفضل من اعتكافه الشّاغل عنها.

قال المروذي: «قلت لأبي عبد الله: إن رجلًا يُقِرئ في المسجد يريد أن يعتكف لعله أن يختم في كل يوم؟ فقال: إذا فعل هذا كان لنفسه، وإذا قعد في المسجد كان له ولغيره، يُقِرئ أحب إليَّ» (٣). (٤)


(١) في المطبوع من المقنع ص ١٠٨ بقوله: (إِلا عند أبي الخطاب إِذا قصد به الطاعة) وسياق المسألة يتضمنه.
(٢) الهداية ص ١٦٩، وقال: «وعندي أنه يستحب له ذلك إذا قصد به طاعة الله تعالى لا المباهاة».
(٣) لم أجده في كتب المسائل عن الإمام. ينظر: توثيقه من المغني ٣/ ٧٦.
(٤) ما قرره المصنف في الرواية الثانية من عدم استحباب إقراء العلم وتدريسه للمعتكف هو المذهب. ينظر: الكافي ٢/ ٢٩٤، وشرح العمدة ٣/ ٦٤٨، والفروع ٥/ ١٨٦، والإنصاف ٧/ ٦٣٣، وكشاف القناع ٥/ ٣٩٥.
فائدة: أجاب في شرح العمدة ٣/ ٦٤٩ عن كون النفع المتعدي في الاعتكاف أفضل من النفع القاصر من عدة أوجه:
منها: لا يلزم من كون الشيء أفضل أن يكون مشروعًا في كل عبادة، بل وضع الفاضل في غير موضعه يجعله مفضولًا، فقراءة القرآن أفضل من التسبيح، وهي مكروهة في الركوع والسجود.
ومنها: أن النفع المتعدي ليس أفضل مطلقًا، بل ينبغي للإنسان أن يكون له ساعات يناجي فيها ربه ويخلو فيها بنفسه ويحاسبها، ويكون فعله ذلك أفضل من اجتماعه بالناس ونفعهم، ولهذا كان خلوة الإنسان في الليل بربه أفضل من اجتماعه بالناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>