للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روى أبو موسى قال: قدمت على رسول الله وهو مُنيخ بالبطحاء (١) فقال لي: «بما أهللت؟ قال: قلت لبيك بإهلالٍ كإهلال رسول الله . قال: أحسنت. فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة، ثم أمرني أن أحل» متفق عليه (٢).

ثم إن تبين له ما أحرم به فلان فإحرامه مثله لذلك، وإن تبين أن فلانًا لم يحرم فله صرفه إلى ما شاء؛ لأنه عَقَدَ الإحرام وعَلّق عين النسك على إحرام فلان، فلما لم يحرم فلان بَطَلَ التعيين وبقي المطلق، فكان له صرفه إلى ما شاء؛ لما سبق.

وإن علم أن فلانًا أحرم ولم يعلم بما أحرم، أو شك هل أحرم أو لا، فهو كالناسي لإحرامه، وللناسي لما أحرم به صرفه إلى أي نسكٍ شاء؛ لأنه إن صادف ما أحرم به فقد أصاب، وإن صرفه إلى عمرةٍ وكان إحرامه بغيرها فإنَّ فَسْخه إليها جائز مع العلم فمع الجهل أولى، وإن صرفه إلى قرانٍ فكان إحرامه بعمرةٍ فقد أدخل عليها الحج وهو جائز، وإن كان مفردًا فقد أدخل العمرة على الحج وهو لغوٌ لا يفيد ولا يقدح في حجه كما لو فعله مع العلم، وإن صرفه إلى الإفراد فكان معتمرًا فقد أدخل الحج على العمرة فصار قارنًا، ولا تبطل العمرة بترك نيتها، وإن كان قارنًا فهو على حاله؛ لذلك، والمنصوص عن أحمد أنه يجعل المنسيَّ عمرةً (٣)، قال القاضي: «هذا على سبيل الاستحباب» (٤)؛ لأنه مستحب مع العلم، فمع عدمه أولى.


(١) البطحاء: أصل البطحاء يطلق على التراب اللين ذي الحصى الصغير في مسيل الماء، ويقصد به هنا موضع قرب مكة معروف. ينظر: معجم البلدان ١/ ٤٥٠، وتهذيب الأسماء واللغات ٣/ ٦٤.
(٢) صحيح البخاري (١٤٨٤) ٢/ ٥٦٤، وصحيح مسلم (١٢٢١) ٢/ ٨٩٤.
(٣) وذلك في رواية أبي داود ومهنا بن يحيى الشامي عنه. ينظر: مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود ص ١٧٢، والتعليقة الكبيرة الجزء الرابع ١/ ٣٣٥ - ٣٣٦.
(٤) لم أجده بنصه فيما وقفت عليه من كتب القاضي. ينظر: توثيقه من الكافي ٢/ ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>