للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها كفارةٌ تجب بفعل محظور في الإحرام فيتداخل جزاؤهما كاللبس والطيب.

ودليل الأولى: أنها كفارةٌ عن قتلٍ، فاستوى فيها المبتدئ والعائد كقتل الآدمي، والآية اقتضت الجزاء على العائد بعمومها، وذكر العقوبة في الثاني لا يمنع الوجوب كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٥]، وقد ثبت أن العائد لو انتهى كان له ما سلف وأمره إلى الله.

قال أحمد : «روي عن عمر وغيره أنهم حكموا في الخطأ وفيمن قتل، ولم يسألوا هل كان قَتَلَ قَبْلَ هذا أو لا» (١)، وإنما هذا يعني التخصيص، لتعظيم الإحرام ومكانه، وقد قال الله سبحانه: ﴿فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، وهذا يقتضي كل قاتلٍ، ولا يصِحُّ قياس الصيد على غيره؛ لأن جزاءه مقدرٌ به، ويختلف بصغيره وكبيره، ولو أتلف صيدين معًا وجب جزاؤهما معًا، فكذلك إذا تفرّقا، بخلاف غيره من المحظورات. (٢)

[١٠٨٣/ ١١] مسألة: (وإن فعل محظورًا من أجناسٍ فعليه لكل واحدٍ فداؤه)؛ لأنها أجناسٌ مختلفةٌ فلم تتداخل كالأيمان والحدود.

(وعنه: عليه فدية واحدة (٣)؛ لأن الكل محظورٌ أشبه اللُّبس في رأسه


(١) يظهر لي أن قول الإمام هنا هو تبع لما ورد عنه في رواية ابن القاسم السابقة في شرح العمدة والله أعلم.
(٢) ما قرره المصنف في الرواية الأولى هو المذهب وهو إن قتل صيدًا بعد صيد فعليه جزاؤهما. ينظر: الكافي ٢/ ٣٨٠، وشرح العمدة ٥/ ١١٧، والفروع ٥/ ٥٤٢، والإنصاف ٨/ ٤٢٤، وكشاف القناع ٦/ ١٩٣.
(٣) مسائل الإمام أحمد برواية الكوسج ١/ ٥٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>