للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يرى أن التحرج الدينى من جانب والاهتمامات العقيدية (للفرق الإسلامية) من الجانب الآخر دفعا الناس فى وقت تال إلى «عدم الرغبة فى كتابة الحديث» (١٠٧) ولا بد أن ننبّه هنا إلى خطورة هذه الفكرة غير الصحيحة، / لأنها أدّت بجولدتسيهر إلى آراء خاطئة حول تطور كتب الحديث. أما رأيه الذى لا تؤيده نصوص الكتب العربية، فقد نشأ لعوامل مختلفة، منها أن (طريقة) الرواية الإسلامية ذات شكل فريد يبدو- لأول وهلة- أمرا بالغ التعقيد. وسنثبت فى موضع تال أن جولدتسيهر- وهو العالم الكبير باللغة العربية- قد فهم بعض الأخبار الواردة فى كتب الحديث فهما معكوسا، وهكذا فقد شق منذ البداية اتجاها خاطئا.

وعلى أساس المعلومات التى أثبتها شبرنجر فى المصادر اعتبر جولدتسيهر كتابة الحديث فى صحف أو أجزاء حقيقة واقعة فى العقود الأولى للإسلام. ووجد جولدتسيهر مزيدا من المعلومات، فذكر أسباب صحة رأيه على النحو التالى: ليس هناك ما يمنع من افتراض كون الصحابة والتابعين قد أرادوا المحافظة على أقوال الرسول وما روى عنه، فقاموا بتدوينها خوفا عليها من الضياع، وهل كان يجوز أن تترك أقوال الرسول لمصادفات الحفظ الشفوى، فى مجتمع كانت الأقوال المأثورة للبشر العاديين تحفظ بالصحف؟ (١٠٨) هذا ما سنحاول تفصيله على نحو خاص فى الفقرة الأولى من الفصل الثامن. وعلى كل حال فهذا الرأى الصحيح له عن صدر الإسلام يقابله افتراضه الأقل صحة، وذلك أنه قد ظهر لدى القوم فيما تلا هذا من زمن تحرّج من الاحتفاظ بالحديث على شكل مدوّن (١٠٩) وتبعا لهذا فقد رفض جولدتسيهر صحة الأخبار المتعلقة بمواصلة تطور علم الحديث، فجعل زمن بداية جمع الحديث أواخر القرن الثانى والنصف الأول من القرن الثالث الهجرى. ومجموعات الحديث هذه لا تعدّ فى رأيه عملا أنجز بمنهج علمى نقدى، أو وفق تصنيف منهجى ولم يتمكن الجامعون من أن يختاروها من كتب ألفت


(١٠٧) نفس المرجع ص ١٩٦.
(١٠٨) جولدتسيهر: دراسات إسلامية I.Goldziher ,Muh.Stud.,١١٩.
(١٠٩) المرجع السابق ص ٨

<<  <  ج: ص:  >  >>