ترتبط بداية الدراسات العقيدية الإسلامية ارتباطا وثيقا بالأحداث السياسية في صدر الإسلام. وكان فلها وزن محقا فى وصفه للخوارج بأنهم مؤسسو «الخروج النظرى» وهم بذلك مؤسسو الدراسات العقيدية في الإسلام (انظر: فلها وزن Wellhausen (Opp ositionsparteien ١٧. ومن الحقائق المعروفة العقيدية في التاريخ الإسلامى أن قضية الخلافة- التى واجه الخوارج فيها فكرة الإمامة عند الشيعة وإرجاء المرجئة- قد تطورت تطورا سريعا إلى نقاش حول «القدر»، وذلك نتيجة للنقاش حول مرتكب الكبيرة أكافر هو أم مسلم. (قارن: جولدتسيهر Goldziher ,Vorlesungen ,٨١ ff.
أما التأليف فى العقائد، وهو ما يعنينا هنا بصفة خاصة، فقد بدأ فى القرن الأول الهجرى، شأنه فى هذا شأن سائر مجالات التراث العربى الأخرى. وقد شكا ابن النديم الذى ندين له بعرض منهجى للتراث العربى كله من أن أقدم الكتب لم تتح له، وكأن حائزيها قد ضنوا بها عليه.
وذكر لنا ابن النديم عددا من المؤلفين عاش أكثرهم فى القرن الثانى الهجرى (انظر الفهرست ١٨٢ - ١٨٣). وعلينا للتعرف على من سبقهم فى القرن الأول للهجرة أن نعتمد على ما ورد فى كتب الطبقات وكتب العقائد من أخبار وأن نجمع ما وصل بها من قطع باقية. وبديهى أنه من غير الممكن أن نلم بكل ما وصل إلينا فى هذا الصدد، إلا أن المواد المتاحة لنا تكفى لكى نتصور فى وضوح أن ظهور كتب العقائد إنما بدأ أيضا فى القرن الأول للهجرة.
ومن المرجح أن الرد على القدرية كان ضربا كثر التأليف فيه، وهذا الضرب من أقدم ضروب المصنفات العقيدية. وقد أفادنا عبد القاهر البغدادى (المتوفى ٤٢٩ هـ/ ١٠٣٧ م) بأخبار قيمة هامة فى هذا الصدد. وأقدم مؤلف ذكره هو أبو الأسود