هو أبو الفرج، على بن الحسين بن محمد بن أحمد، الأصفهانى، سليل الأسرة الأموية، ولد فى أصفهان سنة ٢٨٤ هـ/ ٨٩٧ م. ثم هجر مسقط رأسه إلى بغداد، وعاش بها فترة من حياته كاتبا فى خدمة ركن الدولة ولقى حظوة بعد ذلك عند سيف الدولة والصاحب ابن عبّاد، وكذلك عند أبى محمد المهلبى وزير بنى بويه. وكان أيضا على اتصال سرى بالأسرة الأموية الحاكمة فى الأندلس على الرغم من أنه كان متشيعا. وتوفى أبو الفرج فى بغداد سنة ٣٥٦ هـ/ ٩٦٧ م.
كان أبو الفرج مؤرخا أديبا، وعالما بالموسيقى، كتب فى عدة موضوعات. وعرفه التاريخ- أولا وقبل كل شيء- بكتابه الأغانى. وقد ضم أبو الفرج فى هذا الكتاب مادة عدد كبير من الكتب التى ضاع أكثرها ولم يصل إلينا من مادتها إلّا ما أخذه أبو الفرج عنها، وكذلك شأن أستاذه محمد بن جرير الطبرى فى مؤلفاته غير أن الطبرى جمع مادة كتابيه فى التفسير والتاريخ جمعا منهجيا. أما أبو الفرج فقد وضع نصب عينيه أن يجمع المائة صوت التى كلّفه بها هارون الرشيد، فاختارها لموسيقيّين كبار ونظر فيها إسحاق الموصلى. ويبدو لنا أن أبا الفرج اعتمد هنا على كتاب «الأغانى» لإسحاق الموصلى، وكان أقرب إلى أن يكون كتابا فى «المعانى»(انظر تاريخ بغداد ٨/ ٤٦٩)، حتى إن شخصيته تبدو فيه واضحة. ويبدو لنا أن أبا الفرج أخذ مادة كتب كثيرة أخرى للموصلى وقد كان لكتاب «النسب» للزبير بن بكار، وهو كتاب يكاد يكون كتاب أخبار (انظر تاريخ بغداد فى الموضع السابق) أثر كبير فى كتاب الأغانى. فقد اقتبس منه أبو الفرج فى كتابه من أوله إلى آخره بإسناد واحد/ نصه:«أخبرنى الحرمى بن أبى العلاء، قال: حدّثنا الزبير بن بكار .. ». وبالكتاب مجموعات أخرى من الأسانيد تمضى بنا إلى مؤلفات الزبير بن بكار. وقد اهتم أبو الفرج فى اقتباساته بأن ينهج نهج علماء الحديث، وهو من هذه الناحية يختلف عن بعض مؤلفى الأدب مثل ابن قتيبة وابن عبد ربه. ويبدو لنا أنه كان قد حصل على