هو أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد، الطبرى، ولد فى أواخر سنة ٢٢٤ هـ أو أوائل ٢٢٥ هـ/ ٨٣٩ م فى آمل، وتوفى فى بغداد سنة ٣١٠ هـ/ ٩٢٣ م. وهب الطبرى نفسه للعلم وهو فى مقتبل حياته. فذهب أول الأمر إلى الرى، ثم انتقل بعد ذلك إلى بغداد، حيث حضر دروس أحمد بن حنبل. ثم زار بعد ذلك البصرة والكوفة، والشام، ومصر. ولم يقتصر اهتمامه على التاريخ والتفسير والحديث فقط، بل تناول النحو والأخلاق والرياضيات والطب. وكان فى أول أمره على مذهب الشافعى، ثم أسس بعد عودته من مصر مدرسة فقهية نسبت إليه سميت «الجريرية». والطبرى أحد العلماء غزيرى الإنتاج فى العلوم الإسلامية، وتقوم مكانته- أولا وقبل كل شئ على الأثرين الهامّين اللذين وصلا إلينا، وهما كتاب «التاريخ» و «تفسير القرآن». لم يكن الطبرى أول من كتب فى كلا المجالين؛ فمحاولة تأليف حوليات فى تاريخ العالم، وتدوين تفسير القرآن كله فى شمول وتفصيل ظاهرتان ترجعان إلى القرن الثانى للهجرة على أقل تقدير (٢٢٣). والكتابان أكبر ما وصل إلينا من الكتب المبكرة، ومن ثم فقد احتفظ كل واحد منهما، بأكبر قدر من التفصيل، بالمصادر المفقودة التى لم تصل إلينا. وتستخدم الدراسات الحديثة هذين الكتابين باعتبارهما أهم المصادر وأغزرها مادة بالنسبة للقرون الأولى للعلم فى المجتمع الإسلامى، ورغم هذا فليس هناك من تصور واضح مطابق للواقع، للمصادر/ التى اعتمد عليها الطبرى. فلم يأخذ الطبرى مادته من مرويات شفوية أو مصادر مدونة متفرقة، ولكنه نقل- مثل كل مؤرخى ومحدثى عصره- مادته عن الكتب التى أتيحت له. إن الدراسات
(٢٢٣) ليس صحيحا أن كتاب تاريخ الطبرى هو أقدم كتاب فى تاريخ العالم كما تصور بروكلمان، لأننا نعرف كتابا بعنوان «التاريخ على السنين» للهيثم بن عدى (المتوفى ٢٠٦ هـ/ ٨٢١ م أو ٢٠٧ هـ/ ٨٢٢ م) انظر الفهرست لابن النديم ص ١٠٠، جواد على، مجلة المجمع العلمى العراقى ٢/ ١٩٥١/ ١٦٢ وهذه النقطة يجب أن تصحح عند بروكلمان فى الأصل. ومن الكتب المتقدمة جدا فى التفسير الكامل للقرآن وصل إلينا قسم من كتاب تفسير يحيى بن سلام التّيمى (المتوفى ٢٠٠ هـ/ ٨١٥ م).