للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الخامس التاريخ المحلى وتاريخ المدن]

[(أ) حركة التأليف فى العصر الأموى]

أوضحت لنا دراسة المصادر العربية والمقتبسات التى وصلت إلينا، أن بدايات تاريخ المدن والأقاليم مرتبطة بالفتوح والجغرافيا، ولذا فهى ترجع إلى صدر الإسلام. ذكر الأزرقى (المتوفى ٢٢٢ هـ/ ٨٣٧ م) أن المؤرخ وهب بن منبّه (المتوفى ١١٠ هـ/ ٧٢٨ م) قد أفاد من كتاب قديم حول الكعبة (٢٤٢). ويروى أن عمر بن الخطاب (٢٤٣) وعبد الله بن عباس وبعض التابعين كانوا مهتمين بتاريخ الكعبة، وأن أهل مكة طلبوا قبيل الإسلام من بعض اليمنيين (٢٤٤) أو اليهود (٢٤٥) أن يقرءوا لهم بعض نقوش عليها (٢٤٦).

وهناك روايات متكررة فى العصر الإسلامى تقول باهتمام الخليفة عمر بن الخطاب بالتاريخ والجغرافيا. وقد سبق أن ذكرنا فى موضع سابق، أنه عهد إلى بعض العلماء بالأنساب العارفين بأيام العرب أن يضع قوائم وسجلات بالقبائل العربية، وأن يضع أحجارا تحد المنطقة الحرام. وهناك خبر عند المسعودى يمكن أن يكون ذا دلالة بالنسبة لقضية بدايات هذا النوع من التأليف، يقول المسعودى (٢٤٧) بأن عمر بن الخطاب كتب بعد فتوحاته إلى حكيم معاصر له بأن الله قد مكن للعرب فى تلك البلاد، فأقاموا فى


(٢٤٢) أخبار مكة ٩: «قال وهب بن منبّه: وقرأت فى كتاب من الكتب الأولى ذكر فيه أمر الكعبة».
(٢٤٣) المصدر السابق ١٠.
(٢٤٤) الأزرقى ٤٢: «وجدوا فى حجر من الأساس كتابا فدعوا له رجلا من أهل اليمن وآخر من الرهبان».
(٢٤٥) الأزرقى ٤٣: «أنّ قريشا وجدت فى ركن كتابا بالسريانية فلم يدروا ما هو حتى قرأه لهم رجل من اليهود».
(٢٤٦) ليست القضية هنا قضية مدى معرفتهم بذلك أو مدى القيمة التاريخية لقراءاتهم لهذه الكتابات ولكن مجرد اهتمام المكيين بذلك أمر هام فى هذا الصدد.
(٢٤٧) مروج الذهب للمسعودى ٣/ ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>