للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض وسكنوا المدن، وطلب منه عمر بن الخطاب أن يصف له المدن وجوها ومنازلها وأثر المناخ على سكانها، فأرسل إليه هذا الحكيم/ وصفا للشام ومصر والحجاز والعراق وخراسان وفارس (٢٤٨) ... إلخ، كما كلف عمر بن الخطاب سعد بن أبى وقاص بطل القادسية أن يصف له ذلك الموضع (٢٤٩)، ومن المؤكد- وفاقا لكراتشكوفيسكى (٢٥٠) أنه لا يسوغ وسم هذه الأوصاف بأنها موضوعة/ منحولة، فهى أقدم وأهم الوثائق التى تدل على اشتغال المسلمين بالجغرافيا وتاريخ الفتوح.

ومما له أهمية بالغة فى هذا الصدد وصف البصرة الذى ألفه زياد ابن أبيه (المتوفى ٥٣ هـ/ ٦٧٣ م) لعثمان بن عفان. وكان هذا الوصف متداولا بين الجغرافيين ومؤلفى تاريخ المدن. وقد استخدم ياقوت الحموى نسخة من هذا الوصف بخط المؤرخ أبى زكريا يحيى السّاجى (المتوفى ٣٠٧ هـ/ ٩٢٠ م) فى «معجم البلدان» (١/ ٩٠٥).

وقد سبق أن ذكرنا أن كتب الفتوح الأولى كانت تضم- فيما يبدو- معلومات فى تاريخ المدن والأقاليم والجغرافيا. ومن الجانب الآخر يبدو أن كتبالفتوح كانت تهدف إلى أن تكون امتدادا لكتب المغازى. فقد ظهر النوعان فى نفس الفترة تقريبا، إذا غضضنا النظر عن ملاحظات بسيطة لبعض الصحابة عن حياة النبى. وقد سبق أن ذكرنا فى حديثنا عن المغازى أن كتب الفتوح كانت معروفة فى عصر الشعبى (١٩ هـ/ ٦٤٠ م- ١٠٣ هـ/ ٧٢١ م) وأنه ألف بنفسه كتابا فيها (انظر ترجمته ص ٢٧٧).

وقد ذكر الواقدى من مصادره بعض مؤلفى كتب الفتوح فى العصر الأموى الذين تناولوا موضوعات مشابهة له (انظر ترجمته ص ٢٥٤ وما بعدها).

ويزداد هذا وضوحا من وصف يزيد بن أبى حبيب (المتوفى ١٢٨ هـ/ ٧٤٥ م) وعبيد الله بن أبى جعفر (المتوفى ١٣٥ هـ/ ٧٥١ م) بأنهما مؤرخا مصر فى العصر الأموى، وذكر عمر بن محمد بن يوسف الكندى فى القرن الرابع الهجرى (انظر ترجمته فى من هذا


(٢٤٨) نفس المرجع ٣/ ١٢٣ - ١٣٠.
(٢٤٩) معجم البلدان لياقوت ٤/ ٨.
(٢٥٠) انظر: الترجمة العربية لكتاب: الأدب الجغرافى العربى ١/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>