للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثانيا: كتب القراءات فى العصر العباسى (حتى حوالى سنة ٤٣٠ هـ)]

تطورت الدراسة العلمية للقراءات المختلفة فى العصر العباسى، فى البصرة والكوفة بصفة خاصة وبدرجة أقل فى الحجاز وقد أسهم اللغويون فى هذه الدراسات إسهاما كبيرا، فلقد حاولوا إيجاد شروح نحوية للمواضع المشكلة فى القرآن الكريم. واتبع اللغوى البصرى أبو عبيدة معمر بن المثنى (المتوفى ٢١٠ هـ/ ٨٢٥ م) فى ذلك منهجا خاصا، فقد حاول أن يجد لأمثال تلك المواضع شواهد من الشعر العربى القديم وأن يفسرها بشذوذ اللغة. (٣٦) والمرجح أن أول محاولة لتقديم نص متفق عليه ترجع إلى نحاة هذه الفترة. لقد اعتمد سيبويه على قراءة شائعة فى البصرة (٣٧)، وكان يعرف إلى جانبها قراءات محلية معتادة فى مراكز أخرى باستثناء دمشق. وإذا كان أبو عبيدة القاسم بن سلام (المتوفى ٢٢٤/ ٨٣٨ م) قد اختطّ بين مدرستى البصرة والكوفة فى النحو موقفا انتقائيا، فإنه ومعاصره أبا حاتم السجستانى قد أدخلا فى القراءات مبدأ «الاختيار»، وبه لا يكون الاختيار بناء على عدد القراءات المحلية المختلفة وعدد القرّاء فقط، وإنما يتم بصفة أكثر بناء على قيمة هذه القراءات ومكانة قرائها.

ولكن هذا الاختيار ومحاولة الجمع بين قراءات مختلفة قد أوقفهما فى أواخر القرن الثالث الهجرى نزعة إلى الاتجاه السلفى (٣٨).


(٣٦) انظر: مجاز القرآن لأبى عبيدة، فى مواضع مختلفة.
(٣٧) انظر ما كتبه برجشتراسر فى المرجع الألمانى السابق ١٤٢.
(٣٨) انظر برجشتراسر فى المرجع الألمانى السابق ١٣٠ - ١٣١، ١٤٢ - ١٤٣

<<  <  ج: ص:  >  >>