عنوان هذا الكتاب «دراسات فى مصادر البخارى»، وقد بدأ إعداده تحت تأثير هذه المفاهيم السائدة فى عصرنا. وكان الأمل مع هذا أن البخارى، بالإضافة إلى المادة الشفوية قد أفاد أيضا من بعض المصادر اللغوية التى يغلب على الظن أنه أفاد منها. وقد اتجه بحثنا تحت هذا المؤثر فترة من الزمن اتجاهات خاطئة. ولم يصبح مسار بحثنا محققا لنتائج إلا بعد أن انتبهنا بشكل نهائى إلى أن رواية الحديث لا تشبه الروايات الأخرى، وطابعها الخاص يكمن فى حقيقة أن سلسلة الرواة (المصادر) تتضمن مصادر مدونة. وفى ضوء هذا الاعتبار الجديد تغيرت الخطة والهدف من هذه الدراسة التى كانت تهدف- أول الأمر- إلى تحديد المصادر اللغوية للبخارى. وقد أصبح من الضرورى- تطبيقا لهذا- أن نتناول مصادر البخارى وكتب الحديث الجامعة الأخرى، وأن نبحث- إلى حد ما- المصادر العامة للتاريخ الإسلامى وبالمثل فإن الكشف الصحيح لهذا الموضوع يتطلب المعرفة الكافية، من حيثالتدوين المبكر للحديث وتصنيفه. وقد تناولت هذه القضايا فى القسم الأول من كتابنا، حيث حاولنا أن نفسر السمة الخاصة برواية الحديث التى غابت عن الانتباه، وما حدث من نتائج خاطئة فى البحث. إن الملحقين الأول والثانى فى نهاية هذا الكتاب مخصصان لإثبات هذا الرأى. يضم الملحق الأول نتائج محاولتنا التعرف على المصادر المدونة لكتاب فى الحديث باستخدام سلسلة الرواية. وهناك كشاف عام لرواة البخارى ثم إعداده ليكون مكملا لهذا الملحق، ومع هذا فلن يظهر هذا الكشاف فى هذه الطبعة بسبب صعوبات فنية. ونحس أن كشافات الرواة المذكورين فى كتب القرنين الثانى والثالث للهجرة لها أهمية كبيرة لتحديد مصادر المؤلفات الإسلامية وبدلا من اعتبار سلاسل