هو أبو عبيد الله أحمد بن محمد بن حنبل، أصله من بنى شيبان، ولد فى بغداد سنة ١٦٤ هـ/ ٧٨٠ م. ودرس بها اللغة والحديث، وبعد فترة من الزمن بدأ رحلاته العلمية الطويلة التى تجاوز بها العراق والشام حتى وصل اليمن. سمع فى صنعاء المفسر والمحدث عبد الرزاق بن همّام. وكان يدين بثقافته الفقهية- فى المقام الأول- إلى شيوخه الذين أخذ عنهم فى الحجاز وفى بغداد بعد عودته إليها. ولقد تأثر ابن حنبل بدروس سفيان بن عيينة (المتوفى ١٩٦ هـ/ ٨١١ م) الذى كان حجة مدرسة الفقه فى الحجاز، أكثر من تأثره بدروس أبى يوسف (المتوفى ١٨٢ هـ/ ٧٩٨ م). وحضر أيضا فى بغداد بعض دروس الشافعى فى الفقه وأصوله. ووقع مع الخليفتين المأمون والمعتصم فى «محنة» لأنه رفض رأى المعتزلة الذى اعترفت به الدولة حول القول بخلق القرآن، ولم يبدأ ابن حنبل/ دروسه من جديد إلا فى عهد الخليفة المتوكل الذى رجع إلى مذهب أهل السنة؛ فالتقى حوله عدد كبير من التلاميذ. وتوفى فى بغداد سنة ٢٤١ هـ/ ٨٥٥ م.
وابن حنبل مؤسس المذهب الرابع فى الفقه السنى، وهو مذهب يفضّله أصحاب الحديث، ويستنبط الأحكام من القرآن والسنة، ولا يعتمد على الرأى إلا فى حالات الضرورة. وعلى الرغم من أن رأيه العقيدى مدون فى مؤلفه:«كتاب السنة» فإن أكثر القضايا الفقهية عنده فى صيغة إجابات على أسئلة تلاميذه.
وقد قام هنرى لاوست H.Laoust وهو متخصص هام فى هذا المجال بدراسات