لقد كتبت مقدمتى الأولى للأصل الألمانى من هذا المجلد قبل سبع عشرة سنة سعيدا بما يسر لى الله عزّ وجلّ من تقديم حصيلة عمل مستمر دام خمسة عشرة عاما. واليوم تغمرنى سعادة أكبر حين أفكر بما تمّ بحمد الله تحقيقه من مشروع كتابى «تاريخ التراث العربى» بنشر ثمانية مجلدات أخرى منه إلى الآن.
ويجد القارئ فى المقدمة الأولى أننى كنت فى بادئ الأمر أعتزم تأليف ملحق لكتاب «تاريخ الأدب العربى» للمستشرق الألمانى كارل بروكلمان بالاستناد إلى المخطوطات المحفوظة فى مكتبات إستانبول، ثم تغيرت نيتى بمرور الزمن فأصبح هدفى أن يكون مؤلفى تجديدا لكتاب بروكلمان. وهكذا أنجزت المجلد الأول فعلا كتجديد لعمل بروكلمان وإن اتبعت فيه إلى حد ما نفس منهاجه. ثم ما لبثت أن قررت أثناء طبعه أن أحاول الانتقال من منهجه الذى هو بالدرجة الأولى منهج بيبلوغرافى لأواصل بالمجلدات التالية كتابة تاريخ للعلوم الإسلامية المكتوبة باللغة العربية فى إطار ما يسمح به تطور الدراسات والأبحاث المتخصصة فى هذا المجال ودراساتى الخاصة للمخطوطات والمطبوعات، مع الاحتفاظ بعنوان المجلد الأول.
لقد قضيت الآن أعواما فى تأليف هذا الكتاب سعيدا بما أراه من استفادة الباحثين فى العلوم العربية والإسلامية منه. وتيسر لى معرفة مواقفهم منه سواء أكانت تقديرا أو نقدا إيجابيا أو سلبيا فيما يخص المسائل الجوهرية أو الثانوية.