سبق أن أوضحنا بقدر من التفصيل، (ص ٢٥١ وما بعدها) أن أقدم وأبسط ما دوّن عن حياة الرسول صلّى الله عليه وسلم هو ما نجده عند متأخرى الصحابة، وفى الجيل التالى لهم مباشرة، أى عند قدامى التابعين ظهرت سيرة الرسول بالمعنى الحقيقى للكلمة فى كتب كبيرة نسبيا باسم «المغازى». وقد عرفت هذه الكتب فى وقت مبكر باسم «السيرة». وربما يكون الزّهرى أول من استخدم كلمة «السيرة» مصطلحا لذلك (انظر ترجمة الزهرى). وتعد السيرة من أقدم أشكال التدوين التاريخى عند المسلمين، ويبدو أن عددا من المؤلفين فى القرن الأول الهجرى قد اهتم بالتأليف فيها. ونستطيع اعتمادا على القطع التى نعرفها من كتب المغازى أن نذكر المؤلفين التالين:
[١ - سعيد بن سعد بن عبادة الخزرجى]
يعدّه أكثر المؤلفين صحابيا كأبيه، وكان أبوه قد عرف فى الجاهلية بثقافته وخلقه، فلقّب لذلك بالكامل. وتقول بثض المعلومات التى وصلت إلينا بأن سعيدا ولد فى حياة الرسول صلّى الله عليه وسلم ولكنه لم يلتق به. ويبدو أن سعيدا من أوائل من دونوا أشياء عن حياة الرسول. صلّى الله عليه وسلم وربما نظر فيها معدلا ما كتبه أبوه.
وكان كتابه موجودا فى نسخته الأصلية فى أوائل العصر العباسى عند حفيده سعيد بن عمرو (انظر: التهذيب لابن حجر ٤/ ٦٩)، ويبدو أن قسما مما كتب قد وصل إلينا فى كتب المساند مثل مسند ابن حنبل (٥/ ٢٢٢)، وأبى عوانة (انظر: الإصابة