للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتباع الصحابى أبى موسى الأشعرى أحاديث أستاذه، بعد أن حثه أحدهم على كتابتها، وما أن علم أستاذه بهذا حتى أعدم ما كتبه (١٤٤). ومع هذا فإننا نتبين من هذين الخبرين النافيين اهتماما بالتدوين فى وقت مبكر للغاية، فقد كان مروان بن عبد الحكم (المتوفى ٦٥ هـ/ ٦٨٥ م) أول حاكم أموى أراد أن يحفظ معارف مشاهير الصحابة، ويصونها عن الضياع. فيروى أنه استقدم زيد بن ثابت إليه، (عند ما كان مروان واليا على المدينة- على أرجح الأقوال)، وطرح عليه أسئلة وكان الكتاب الجالسون خلف/ ستر يدونون الإجابات، وعند ما لا حظ زيد هذا تحرج قائلا: «يا مروان- معذرة إنما أقول برأيى» (١٤٥) وكتب ابنه عبد العزيز- والى مصر (المتوفى ٨٥ هـ/ ٧٠٤ م)، للتابعى كثيّر بن مرة الحضرمى (المتوفى ٧٠ هـ/ ٦٨٩ م- ٨٠ هـ/ ٦٩٩ م) راجيا إياه، أن ينسخ عن الصحابة أحاديث الرسول التى لم يروها أبو هريرة، فقد كانت الأحاديث برواية أبى هريرة لديه (١٤٦). وقد ذكرنا من قبل أن الخليفة عمر بن عبد العزيز كان مهتما غاية الاهتمام بجمع الأحاديث وظهر هذا فى مختلف المناسبات.

وتخبرنا المصادر فى مواضع كثيرة عن كيفية التدوين وطريقة النسخ فى ذلك الوقت.

قال سعيد بن جبير إنه كان يكتب عند عبد الله بن العباس على ألواح حتى يملأها، ثم يكتب على نعله (١٤٧). ونرى فى موضع آخر أنه يجوز لنا أن نفهم «الألواح» على أنها هى الصحيفة، قال سعيد بن جبير: «ربما أتيت ابن عباس فكتبت فى صحيفتى حتى أملأها، وكتبت فى نعلى حتى أملأها، وكتبت فى كفى، وربما أتيته فلم أكتب حديثا حتى أرجع، لا يسأله أحد عن شئ» (١٤٨) وقص أحد متأخرى التابعين، أن القدامى منهم قد كتبوا عند الصحابى البراء بن عازب (المتوفى ٧١ هـ/ ٦٩٠ م). قال: «رأيتهم يكتبون على أكفهم بالقصب عند البراء» (١٤٩). وروت الصحابية سلمى: أن عبد الله بن العباس قد كتب عن


(١٤٤) طبقات ابن سعد (بيروت) ٤/ ١١٢
(١٤٥) نفس المرجع ٢/ ٣٦١
(١٤٦) نفس المرجع ٧/ ٤٤٨
(١٤٧) العلل لابن حنبل ١/ ٥٠
(١٤٨) طبقات ابن سعد (بيروت) ٦/ ٢٥٧
(١٤٩) انظر: العلل لابن حنبل ١/ ٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>