للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المانوية (٤٨). ويتضح لنا جليا أن المعتزلة كانوا فى حاجة ملحة إلى عقيدة تعتمد على فلسفة الطبيعة، كما يبدو من قصيدة المعتزلى صفوان الأنصارى فى الرد على بشار بن برد عابد النار (٤٩). وفى هذا إشارة إلى الاهتمام بالعلوم الطبيعية وإشارة إلى تطورها/ فى إطار الحضارة الإسلامية فى القرن الثانى الهجرى، ويدل هذا من جهة أخرى على اطراد تطور علم الكلام، كان الاهتمام بفلسفة علم الطبيعة أكثر وضوحا عند أبى إسحاق النظام الذى انفصل عن أستاذه أبى الهذيل العلاف وأسس مدرسة مستقلة بالبصرة. وحينما كان هذا الأستاذ- الذى كان تلميذا غير مباشر لواصل بن عطاء- يرد على «المانوية» ويحارب الرافضة، التى كان يمثلها فى ذلك الوقت هشام بن الحكم المشهور، اعتبر أبو إسحاق النظام نفسه أكبر فيلسوف طبيعى ومناهض ضد فلسفة الدهريين أى ضد الفلسفة الهيلينيّة الآسوية.

وأسس بشر بن المعتمر (المتوفى ٢١٠ هـ/ ٨٢٥ م). ببغداد مدرسة علويّة الاتجاه كانت تقول على الأخص بخلق القرآن. ووصلت هذه المدرسة إلى درجة كبيرة من النجاح فى حكم المأمون (١٩٨ هـ/ ٨١٣ م- ٢١٨ هـ/ ٨٣٣ م). وكان المأمون متعاطفا مع العلويين، ثم فقدت المعتزلة مكان الصدرة فى حكم المتوكل (من ٢٣٢ هـ/ ٨٤٧ م- ٢٤٧ هـ/ ٨٦١ م) عند ما ترك الخليفة القول بخلق القرآن. (٥٠)

ولقد اكتسبت المعتزلة أنصارا لها فى كل من الشام ومصر والأندلس فى القرن الثالث الهجرى، ثم امتدت نحو الشرق فى القرن الرابع الهجرى، وأخذت فى القرن الخامس الهجرى تفقد أهميتها فكان الزمخشرى (المتوفى سنة ٥٣٨ هـ/ ١١٤٣ م) آخر متكلم معتزلى.


(٤٨) انظر: المعتزلة لابن المرتضى: ٣٥
(٤٩) انظر: البيان التبيين للجاحظ ١/ ٢٧ - ٣٠ حول القصيدة.
(٥٠) انظر: نيبرج فى المصدر السابق- ٨٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>