للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مصدر من المصادر المؤلفة فى القرن الثانى أو القرن الثالث للهجرة ومزوّد بأسانيد ترجع إلى شخصية من القرن الأول الهجرى من أن يقوم بفحصه ونقده بنفس الدقة التى يتحراها تجاه كتاب من نفس القرن. وحتى الآن ثمة بون شاسع يفصل بين الأحكام المتعلقة بمبلغ صحة هذه الروايات (٣٦)، والتى هى فى الواقع ليست سوى قطع من كتب وبين الأحكام الأخرى المرتكزة على حجج ضعيفة بشأن روايتها.

فإذا لم تخذعنا فكرة شفوية المرويات، فإننا نصل إلى صورة واضحة لبداية/ التدوين التاريخى ولتطوره فى المائة والخمسين عاما الأولى التى تعدّ فترة غير واضحة. (٣٧) فمعلوماتنا عنها بدائية ومادتنا ضئيلة، ولهذا لا نستطيع التحدث عن كتب ذات مضمون تاريخى من فترة سابقة على ظهور الإسلام. وقد وصل إلينا كتابان من القرن الأول الهجرى يتناولان تاريخ الحميريين، ولكنهما لا يقدّمان بسبب نقص الوعى التاريخى وضيق الأفق إلّا بعض إشارات ترجع إلى فترة ظهور الإسلام. أما الكتاب الأول فهو «أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها» تأليف عبيد بن شرية الجرهمى أحد قدامى من نعرفهم من المؤرخين (انظر الفصل الخاص بتدوين تاريخ الجاهلية)، وهو فى المقام الأول مثال للتأليف فى أيام العرب يرجع إلى وقت مبكر نسبيا، ومثال للحكايات القصصية عن القرون الخالية وشاهد على اهتمام المسلمين المبكر بالتاريخ الدنيوى.

والكتاب الثانى: «كتاب الملوك» لوهب بن منبّه يؤكد هذا الانطباع، وفيه أن الخليفة علىّ بن أبى طالب قد حثه على تعلم تاريخ الحميريين (٣٨)، وفوق هذا فقد قال المؤلف إنه ضم فى كتابه مؤلفات سابقيه (٣٩).

وبجانب هذين المثالين للتأليف الأسطورى الخاص بعرب الجنوب وصلت إلينا من


(٣٦) انظر: جولدتسيهر، دراسات إسلامية Goldziher ,Muh.Stud.II ,٥.: ٥ /٢
(٣٧) انظر مقال جب H.A.R.Gibb فى دائرة المعارف الإسلامية (الطبعة الاوربية الأولى) التكملة ص ٢٥٠.
(٣٨) كتاب التيجان ٨٢، ويقال إن عبد الله بن عباس قد شغل بنفس القصة (انظر: التيجان ص ١٧٥، مع إضافات ابن هشام لنص وهب).
(٣٩) المرجع السابق ص ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>