للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شفىّ بن ماتع الأصبحى (المتوفى ١٢٩ هـ/ ٧٤٦ م) روى عنه فى مصر كتابين أحدهما بعنوان: «قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى كذا، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم كذا»، والكتاب الآخر بعنوان «ما يكون من الأحداث إلى يوم القيامة». (٤) ويعدّ زيد بن ثابت أيضا (ولد ١١ قبل الهجرة/ ٦١١، وتوفى ٤٥ هـ/ ٦٦٥ م) من أوائل الفقهاء المشاهير، ويبدو أنه كان قد جمع مثل هذه الكتب. وقد سبق أن ذكرنا من قبل أنه كان يفضل رأيه الخاص (انظر ص ٦٢ وما بعدها من هذا الكتاب). وروى عنه تلميذه قبيصة (١ هـ/ ٦٢٢ م- ٨٦ هـ/ ٧٠٥ م) - وهو أحد الفقهاء المشاهير فى المدينة- كتابا فى الفرائض (انظر العلل لابن حنبل ١/ ٢٣٦) وظل هذا الكتاب/ متداولا فى القرن السادس الهجرى، وقد اعتمد على هذا الكتاب كل من مالك والشافعى فى كتبهما عن الفرائض، كما تابعهما الطبرى فى تأليفه لكتاب الفرائض، كما ذكره ابن خير الاشبيلى فى الفهرست (ص ٢٦٣). وهناك أخبار كثيرة هامة حول ذلك احتفظ بها البيهقى (المتوفى ٤٥٨ هـ/ ١٠٦٦ م) فى كتاب السنن فى الباب الخاص بالميراث وقد أفرد فيه قسما خاصا لزيد بن ثابت ومكانته الممتازة وكتابه الفرائض. ويتضح من الأخبار أن هذه الرسالة عدّت عند التابعين مصدرا لا غنى عنه فى موضوع المواريث، ويرى الزّهرى أن المعرفة بقوانين الميراث كانت ستضيع لولا أن زيد بن ثابت دونها وحفظها بذلك.

يقول الزهرى «لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس». ومما يدل على تقدير قيمة هذه الرسالة أنها شرحت فى وقت مبكر، شرحها أبو الزناد عبد الله بن ذكوان (المتوفى ١٣١ هـ/ ٧٤٨ م) وكان فقيها مرموقا فى عصره، وصف بأنه كان «صاحب كتابة وحساب»، وتدلنا القطع الباقية عند البيهقى على أن أبا الزناد كان يملك كتاب الفرائض لزيد بن ثابت برواية خارجة بن زيد. ويبدو أن الشارح كان يذكر متن الكتاب أول الأمر ثم يبدأ شرحه بكلمة: «قال». وقد روى هذا الشرح عبد الرحمن بن أبى الزناد، وتتكرر فى كل قطعة ملاحظته التالية: «أمّا معانى هذه الفرائض وأصولها عن زيد بن ثابت، وأما التفسير تفسير أبى الزناد على معانى زيد بن ثابت» (انظر السنن الكبرى ٦/ ٢١٣، ٢٢٥، ٢٢٦، ٢٢٧، ٢٢٩، ٢٣١، ٢٣٢، ولا سيما الصفحات ٢٣٤، ٢٣٦، ٢٣٨،


(٤) توجد هذه القطعة من كتاب تاريخ مصر لابن يونس فى الخطط للمقريزى ٢/ ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>