للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للقدر عند الجبرية، كذلك المرجئة قابلت الخوارج والمعتزلة في باب الأسماء والأحكام ونتجت عنها، والمعطلة قابلت المشبهة في الصفات، والرافضة قابلت الناصبة الخوارج في آل البيت خصوصا. . . إلخ، وأهل السنة والجماعة وسط بين ذلك كله. وهكذا أهل السنة دائماً، والحمد لله (١).

٣ - أن أغلب العقائد الموجودة عند فرق الغلاة المسلمين وكذا الجفاة (٢) على مر التاريخ، إنما هي حصيلة جملة من العقائد القديمة للهنود والمجوس واليهود والنصارى، وغيرها من العقائد القديمة (٣).

٤ - أن كثيراً من أسباب البدع المتقابلة ودوافعها مشتركة ومتشابهة عند الفرق الغالية والجافية قديماً وحديثاً.

٥ - أن منطلق الجميع زعمهم موافقة الشريعة وتطبيقها، فخاضوا في المتشابهات من النصوص بل استدلوا بالضعيف والموضوع لتقوية ما هم عليه، فالغلو في حقيقته مبالغة في الالتزام بالدين، وليس خروجاً عنه في الأصل، بل هو نابع من الرغبة في الالتزام به، ولكنها حركة تتجاوز في مداها الحدود التي حدها الشارع (٤)، وكذلك التفريط والجفاء نابع من رغبتهم في استبقاء أصل الإيمان، وحفظ دماء المسلمين


(١) ينظر: الغلو للشبل (ص ٥٤)، وموسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (١٠/ ٢٠٠).
(٢) مثل: عقيدة المرجئة فلم تكن على الإطلاق ثمرة نظر في النصوص الشرعية ولا وليدة اجتهاد عقلي سوي، وإنما هي وليدة مواقف انفعالية جدلية أفرزتها المعارك الكلامية الطاحنة بين الفرق البدعية، تلك الفرق التي كان جهلها بالشرع وإعراضها عنه سبباً في تعلقها لدفع خصومها بأوهام ذاتية أو تصورات غريبة منقولة عن مصادر وثنية.
وكذلك: عقيدة الصوفية وضلالهم في معنى "الرضا" -الجامع للانقياد والقبول-؛ فقد خرجوا فيه عما كان عليه السلف إلى معنى فلسفي وثني، وهو الرضا المطلق بكل ما في الوجود لأنه من إرادة الله وقدره، حتى اعتقدوا وجوب الرضا بالكفر والفسوق والعصيان، ووقعوا في الجبر المحض تحت ستار ما أسموه "شهود الحقيقة الكونية"! ! و"الاستبصار بسر الله في القدر"! !
ينظر: درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٩٢)، ظاهرة الإرجاء (١/ ١٨٨) (٢/ ٥٥٧).
(٣) ينظر: الغلو للشبل (ص ٣٢ - ٣٧)، والغلو وأثره في ظاهرة التكفير لجمال محمد السيد، مؤتمر ظاهرة التكفير (٥/ ٢٤٩١).
(٤) ينظر: الغلو في الدين ص (٨٤)، والتطرف غير الجريمة لكمال أبو المجد (ص ٣٦ - ٣٧).

<<  <   >  >>