(٢) ولدت الأحداث الطائفية في البلاد الإسلامية في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري إبان الاستعمار الأوروبي النصراني لممالك المسلمين، وتم علاج المشكلة من قبل أصحاب البدع المتقابلة، بنحر أحكام الولاء والبراء، فسلك أصحاب التفريط طريق استدفاع ويلات الفتنة الطائفية وآثارها المدمرة باسترضاء أهل الكفر ولو على حساب دين الله، فأهدروا الأخوة الإسلامية وأحلوا الأخوة الوطنية التي تشمل أهل الكفر، ورأوا أنه أساس في تكونين الأمة وبنائها، وأبطلوا أحكام أهل الكفر وعدوها سبيلاً إلى الشقاق وتمزيقاً لوحدة الأمة، مستدلين على ذلك بنصوص البر والإحسان بالمخالفين الذين لم يقاتلوا المسلمين ولم يخرجوهم من ديارهم ولم يظاهروا على إخراجهم، وأغفلوا النصوص المقابلة. أما الغلاة فتحزبوا وأخذوا بعقيدة الخوارج، وظنوا أن من مقتضى البراء من الكفار معاملتهم بعنف وغلظة، واستباحة دماء الذميين والمعاهدين واستحلال أموالهم، مستدلين على ذلك بنصوص النهي عن موالاة الكافرين وموادتهم، مغفلين النصوص المقابلة. ينظر: موقف الاتجاه العقلي الإسلامي المعاصر من قضايا الولاء والبراء (ص ١٠٧ - ١١١)، والجمعيات القومية العربية وموقفها من الإسلام والمسلمين في القرن الرابع عشر الهجري للدكتور خالد الدبيان، الإسلام والحضارة الغربية، د. محمد محمد حسين (ص ٢٠٢) وما بعدها.