(٢) وإذا تأمل المسلم ما جرى في حادثة الإسراء والمعراج من فرضية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومراجعته ربه جل وعلا في تخفيف عدد الصلوات من خمسين إلى أن بلغ خمس صلوات؛ علم يقينا أن الشارع الحكيم لا يقصد في تكاليفه المشقة على العباد وإلحاق العنت بهم. فلم يبق لمن ألزم نفسه بالغلو في جزئيات الشريعة حجة. وكل ما تقدم في ذم من غلا في جزئية أو جزئيتين، أما من كثر غلوه في الجزئيات فلا ريب أن غلوه هذا يلحق بالغلو الاعتقادي. (٣) هذا الفعل يزهد في السنة والوسطية والاعتدال وباعتبار ذلك تساهلا في الدين والعبادة كما في قصة الثلاثة الذين تقالوا عمل النبي صلى الله عليه وسلم. والزيادة والإفراط في العبادة بما لم يأذن به الله، بل هو قدح في الشريعة وواضعها الذي شرع للناس عبادتهم؛ لأنه يتهم الشريعة بالنقص، فلهذا طلب الزيادة بالغلو. (٤) ويظهر هذا جلياً: في سوء الأدب والجفاء مع من يجب احترامهم وتوقيرهم، كالوالدين وكبار السن، والجيران، والمعلمين، وأهل الاعتبار من الولاة ونحوهم. كما يلحظ سوء أدبهم مع المشايخ وأهل العلم، وغمزهم ولمزهم، والطعن فيهم، وعدم توقيرهم، والله المستعان. (٥) هم يرون الإباحية والتحلل من الدين والأخلاق تقدماً ورقياً وحضارة .. ويرون أن التمسك بالدين فيه كبت للحريات وعائق عن الانطلاق مع الحضارة العالمية.