للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو كثير في الأمم أكثر من التعطيل، وأهله خصوم جمهور الأنبياء، وفي خصوم إبراهيم ومحمد - صلى الله عليه وسلم - معطلة ومشركة، لكن التعطيل المحض للذات قليل، وأما الكثير فهو تعطيل صفات الكمال، وهو مستلزم لتعطيل الذات" (١).

والرب تعالى وحده هو الذي يستحق كمال التعظيم والجلال والتألُّه والخضوع والذل، وهذا خالص حقه، فمن أقبح الظلم (٢) أن يعطى حقه لغيره؛ لذلك كثرت تحذيرات القرآن والسنة من الشرك وقطع كل السبل الموصلة إليه، ونلحظ أن كثيراً من البشر نتيجة غلبة الجهل وعدم تعظيم الله {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الأنعام: ٩١، والابتعاد عن منابع الهدى والرشاد تنكبوا الطريق ورجعوا إلى الشرك وإلى التعلق بغير الله تعالى في أقبح صورة وأسوء حال، فجنحوا إلى الإفراط أو التفريط في ربوبية الله وبيان ذلك فيما يلي.


(١) منهاج السنة (٣/ ٢٩٢).
(٢) الظلم هنا واقع على العبد، وليس على الله -تعالى الله عن ذلك وتقدس-؛ لأن الله لا يضره عباده ولا ينفعونه، وإنما يضرون أنفسهم ولهذا قال تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} آل عمران: ١٧٦، {وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤)} يونس: ٤٤، فهذا نص في أنهم لم يظلموا الله وإنما ظلموا أنفسهم، بنقص حظها من الثواب وتعريضها للعقاب.

<<  <   >  >>