للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " إن هؤلاء القائلين بقدم العالم وإن أقرّوا بمبدع العالم فقولهم بالحجة التي يثبتون عليها إثبات مبدع العالم حجة ضعيفة (١)، بل قولهم مستلزم لنفي الصانع" (٢).

٢ - إنكار المعاد، بين شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن عمدة الفلاسفة في إنكار المعاد هو اعتقادهم قدم العالم، وأنه لا يجوز أن يتغير، وترتب على هذا قولهم بنفي قدرة الله وعلمه ومشيئته وإنكارهم أن يكون خالقاً للمحدثات (٣).

٣ - إنكار واجبات الإسلام ومحرماته، لاعتقادهم أنه لا يوجد ثواب ولا عقاب في الآخرة.

٤ - القول بقدم العالم يستلزم تسلسل العلل والفاعلين، وهو باطل بصريح العقل واتفاق العقلاء؛ وذلك لأن العلّة التامة لا يتأخر عنها معلولها، والمشاهد أن المخلوقات حادثة متأخرة عن معلولها، فيلزم ألا يكون شيء من الحوادث حادثا عن العلة التامة التي هي واجب الوجود (الله) فإما أن تكون الحوادث حادثة بنفسها، وهذا فاسد، وإما أن تكون من فاعل آخر غير الله وهذا فاسد أيضاً.

والقائلون بقدم العالم هم الفلاسفة من أرسطو ومن بعده، وأمَّا أساطين الفلاسفة قبل أرسطو فلم يكن منهم من قال بقدم العالم، وأما أتباع أرسطو المنتسبون إلى الإسلام كابن سينا وأمثاله فهم يقولون ما يعلم جماهير العقلاء أنه مخالف لضرورة العقل: إذ يثبتون مفعولاً ممكنا يمكن وجوده ويمكن عدمه، وهو مع هذا قديم أزلي لم يزل ولا يزال، وهو مفعول معلول لعلة فاعلة لم يزل مقارناً لها مقارنة المعلول لعلته التامة ... وإثبات ابن سينا لمفعول ممكن يمكن وجوده ويمكن عدمه وهو مع هذا قديم أزلي جمع بين النقيضين، والفطرة ترد ذلك ولا تقبله، وجماهير العقلاء من أهل الملل والفلاسفة حتى أرسطو وأتباعه


(١) ينظر: درء التعارض (٣/ ٢٦٧ - ٢٦٨).
(٢) الصفدية (٢/ ٢٣٠).
(٣) ينظر: درء التعارض (٧/ ٣٨٤ - ٣٨٥).

<<  <   >  >>