للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن البدعة ليس لها أصل في الشرع يدل عليها، أما ما دلت عليه قواعد الشريعة فليس ببدعة (١)، وإن لم ينص الشارع على عينه، ومثال ذلك من واقعنا المعاصر: من صنع آلة حربية كطائرة أو صاروخ، أو دبابة، أو غيرها من وسائل الحرب الحديثة قاصدا بذلك الاستعداد لقتال الكفار، والذب عن المسلمين، ففعله هذا ليس بدعة، مع أن الشرع لم ينص على عينه، ولم يستخدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثل هذه الآلات في قتال الكفار، لكن صناعة مثل هذه الآلات داخلة تحت عموم قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} الأنفال: ٦٠، وهكذا بقية الأفعال، فكل ما له أصل في الشرع فهو من الشرع وليس ببدعة.

٣ - أن البدعة كلها مذمومة فلا توجد بدعة حسنة كما يزعم محسنو البدع؛ لأن البدع مصادمة للشريعة مضادة لها، فهي مذمومة على كل حال، وقد أبرزت كل التعريفات هذا الجانب المهم (٢).

٤ - البدعة في الدين قد تكون بالنقص فيه كما تكون بالزيادة فيه (٣)، نص على هذا السيوطي، غير أنه يحتاج إلى تقييد بأن يكون الباعث على النقص هو التدين، أما إذا كان الباعث عليه غير التدين فليس ببدعة كترك أمر واجب لغير عذر فإنه معصية لا بدعة، وكذلك ترك شيء من النوافل لا يعد بدعة.

هذا أهم ما اشتملت عليه التعريفات السابقة للبدعة من أحكام، وقد ظهر من خلالها تحديد مفهوم البدعة في الشرع، واتضحت الضوابط الصحيحة لتعريفها (٤).

كما أن (البدعة) تستعمل في الخير والشر، إلا أنها أكثر ما تستعمل عرفا في الذم.


(١) قواعد الأحكام (٢/ ١٧٢ - ١٧٤).
(٢) مجموع الفتاوى (١١/ ٥٥٥) (١٨/ ٣٤٦)، والاستقامة (١/ ٤٢).
(٣) إيثار الحق على الخلق لأبي عبد الله محمد بن المرتضى اليماني (ص ٨٤ - ٨٨).
(٤) موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع، أ. د. إبراهيم الرحيلي (ص ٩١ - ٩٣)، وينظر: الاعتصام (١/ ٣٨)، وقواعد في معرفة البدع (ص ٢٢).

<<  <   >  >>