للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما نص على ذلك ابن الأثير في النهاية (١)، وكما بين ذلك السفاريني (٢) في لوائح الأنوار، بقوله: " وقد غلب لفظ البدعة على الحدث المكروه في الدين مهما أطلق هذا اللفظ، ومثله المبتدع لا يكاد يستعمل إلا في الذم. وأما من حيث أصل الاشتقاق فإنه يقال ذلك في المدح والذم؛ لأن المراد أنه شيء مخترع على غير مثال سابق، ولهذا يقال في الشيء الفائق جمالاً ما هو إلا بدعة، فإن قلت: المحدثات منقسمة إلى بدعة مستحسنة وإلى بدعة مستقبحة، فالأمر كذلك، ولكن تسمية المستحسن من ذلك بدعة على سبيل التوسع والمجاز، وإلا فالبدع المراد بها: ما خالف المشروع، وتعدى به إلى الممنوع ... " (٣).

ويمكن مما سبق تحديد معنى البدعة في الشرع بأنها ما جمع القيود السابقة، ولعل التعريف الجامع لهذه القيود أن يقال: البدعة هي: ما أحدث في دين الله، بقصد التعبد، من غير دليل معتبر شرعاً -والله أعلم-.

ومن هذا المعنى سمي العمل الذي لا دليل عليه في الشرع بدعة، وهو إطلاق أخص منه في اللغة، فالبدعة في اللغة أعم منها في الشرع (٤) كما يظهر من خلال التعريفين اللغوي والشرعي للبدعة.


(١) ينظر: النهاية (٤/ ١٠٧ - ١٠٨).
(٢) هو محمد بن أحمد بن سليمان السفاريني النابلسي، شمس الدين، سلفي حنبلي، من مؤلفاته: الدرة المضيئة في عقيدة الفرقة المرضية وشرحها، لوامع الأنوار البهية وسواطع الأثرية، والذخائر لشرح منظومة الكبائر، توفي سنة ١١٨٨ هـ.
ينظر: سلك الدرر للمرادي (٤/ ٣١)، الأعلام للزركلي (٦/ ١٤).
(٣) لوائح الأنوار شرح الحائية (١/ ١٧٣ - ١٧٥).
(٤) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (٢/ ٥٩٠).

<<  <   >  >>