للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أنه لا يجوز إطلاقُ النفي على ما أثبته الله تعالى لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات العلى؛ بل هذا جحدٌ للخالق وتمثيل له بالمعدومات (١).

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: وصف الرب بنقيض تلك الصفات من صفات الأموات والجمادات، أو صفات المعدومات، تعطيل لصفات الكمال التي يستحقها الرب تعالى، وتمثيل له بالمنقوصات والمعدومات، وتعطيل للنصوص عما دلت عليه من الصفات، وجعل مدلولها هو التمثيل بالمخلوقات، فيجمع في الله وفي كلام الله بين التعطيل والتمثيل، فيكون ملحداً في أسماء الله وآياته (٢).

وقال - رحمه الله -: " فالذي ينفى عنه وينزه عنه: إما أن يكون مناقضاً لما علم من صفاته الكاملة، فهذا ينفى عنه جنسه، كما قال: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} البقرة: ٢٥٥، وقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} الفرقان: ٥٨، فجنس السنة والنوم والموت ممتنع عليه، لا يجوز أن يقال في شيء من هذا: أنه يجوز عليه كما يليق بشأنه؛ لأن هذا الجنس يوجب نقصاً في كماله. كذلك لا يجوز أن يقال: هو يكون في السفل لا في العلو، وهو سفول يليق بجلاله. فإنه - سبحانه وتعالى - العلي الأعلى لا يكون قط إلا علياً، والسفول نقص هو منزه عنه ...

والنوع الثاني: أنه منزه عن أن يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته" (٣).

فغلوهم في التنزيه أوصلهم إلى مشابهة المشركين، ففرطوا في أسمائه وصفاته حتى أدى بهم هذا التفريط إلى سوء الظن بالله - عز وجل - وهو من أكبر الذنوب التي يستحق بها العبد غضب الله ولعنته - سبحانه وتعالى -.


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٥/ ١٩٨)، ومنهاج السنة النبوية (٢/ ٥٢٤).
(٢) ينظر: التدمرية (ص ٧٩ - ٨١).
(٣) مجموع الفتاوى (١٦/ ٤٢٥ - ٤٢٦)، وينظر: مجموع الفتاوى (١٦/ ٩٧ - ٩٩، ٣٦٣)، ومنهاج السنة (٨/ ٢٩)، وشرح الأصبهانية (ص ٤٣٢ - ٤٣٣).

<<  <   >  >>