للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤)} الأنعام: ١٤، في هذه الآية رد على المعطلة في قوله تعالى: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: مُبْتَدِعَهُمَا وَمُبْتَدِئَهُمَا وَخَالِقَهُمَا، فدل هذا على إثبات صفاته - عز وجل -. ورد هذه الآية كذلك على المشبهة بقوله: {يطعم ولا يطعم} لتنفي عن الله - عز وجل - مشابهته لمخلوقاته، كما أن في قوله تعالى: {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤)}، رد على الذين أشركوا في صفات الله غيره.

٥ - قال تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} الأحزاب: ١٨، فيها إثبات لصفة العلم لله - عز وجل - وهذا رد على من أنكر صفات الله من الجهمية والفلاسفة وغيرهم، و {قَدْ يَعْلَمُ} أتت منكرة للدلالة على إحاطة الله بالعلم السابق واللاحق والآني، ليكون في هذا رد على غلاة المعتزلة ممن أنكر جزءاً من العلم وهو علم الله المستقبلي، أو علم الله بالجزئيات، فدلت هذه الآية على أن الله يعلم كل شيء بعلمه الأزلي. كما أن فيها رداً على المشبهة الذين مثلوا الله بخلقه، بأن وصف المخلوق بصفات النقص والعيب {الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} للدلالة على أنه - عز وجل - منزه عن هذا النقص.

٦ - قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)} مريم: ٦٥، في هذه الآية رد على الملاحدة والفلاسفة وكل من عطل الله - عز وجل - عما يستحقه من صفات الكمال وأسماء الجلال، فأمرهم الله سبحانه وتعالى بعبادته (١) فقال: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ}؛ لأن أصل عبادته - عز وجل -: معرفته بما وصف به نفسه في كتابه وما وصفه به رسله - صلى الله عليه وسلم - (٢)، كما أن فيها رداً على المشبهة فقد أنكر الله تعالى التشبيه والتمثيل، في قوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}.


(١) لأن من عرف الله بأسمائه وصفاته حق المعرفة، تجلى في سلوكه وتعاملاته: الانصياع والخضوع لصاحب تلك الأسماء الكاملة والصفات العالية، وأورثه ذلك التعبد لله بالعبادات التي تليق بجلاله وكبريائه وعظمته. ومن لم يعرف الله بأسمائه وصفاته التي تليق به، فكيف يعبده، ويحبه، ويعظمه، ويخضع له؟ ! بل كيف يعبد إليهاً يجهله؟ ! . ينظر: أحكام القرآن، لأبي بكر محمد بن العربي، ت: محمد عطا (٢/ ٩٣٣).
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى: (١٣/ ١٦٠).

<<  <   >  >>