للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للإنسان إلى العلم بها إلا بطريق الوحي الثابت في الكتاب والسنة، كالحديث عن الله تعالى وصفاته وأفعاله وعن السماوات السبع وما فيهن، وعن الملائكة والنبيين والجنة والنار والشياطين والجن وغير ذلك من الحقائق الإيمانية الغيبية، التي لا سبيل لإدراكها والعلم بها إلا بالخبر الصادق عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - (١).

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - بعد أن ذكر جملة من الأحاديث الواردة في شأن الملائكة وصفاتهم-: "وفي هذا وما ورد من القرآن رد على من أنكر وجود الملائكة من الملاحدة" (٢).

لذلك فإن أعظم الناس إنكاراً لها الفلاسفة المسمون عند من يعظمهم بالحكماء، فالملائكة عندهم هي القوى العقلية المجردة، فليس هناك ذات منفصلة تصعد وتنزل، وتذهب وتجيء، وترى وتخاطب الرسل، وإنما ذلك عندهم أمور ذهنية لا وجود لها في الأعيان (٣)، فأنكروا رؤيتها؛ لأنها ليست أجساماً عندهم، كما يلزم من إنكارهم للملائكة أيضاً إنكار الوحي ونزول جبريل - عليه السلام - به، وإنكار النبوة، وإنكار الجن، وإنكار اليوم الآخر، إلى غير ذلك من الجحود لآيات الله تعالى، الذي يناقض الإقرار والتصديق، ومن ثَمَّ فقد توعّد الله تعالى أولئك المنكرين لآياته، المكذبين بها بالعذاب المهين والخلود في نار جهنم.

قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠)} الأعراف: ٤٠.

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (٥٧)} الحج: ٥٧.

بل إن صفة الجحود لتلك الآيات لا تقوم إلا في الكفار، كما قال تبارك وتعالى: {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (٤٧)} العنكبوت: ٤٧.

والذي ينبغي معرفته أن الفلاسفة لا يؤمنون بوجود الله حقيقة، ولا يؤمنون بوحي ولا نبوة ولا رسالة، وينكرون كل غيب، فالمبادئ الفلسفية جميعها تقوم على أصلين هما:

الأصل الأول: أن الأصل في العلوم هو عقل الإنسان، فهو عندهم مصدر العلم.


(١) ينظر: أركان الإسلام، لعلي بن نايف الشحود (ص ١٠).
(٢) فتح الباري (٦/ ٣٠٦).
(٣) ينظر: شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٤٠٢ - ٤٠٣).

<<  <   >  >>