للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْجَحِيمِ (٧) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩)} غافر: ٧ - ٩، وفي هذا رد على من زعم أن عبادة الملائكة ساذجة أو صورية (١)، قال العلامة السعدي - رحمه الله -: " وقد تضمن هذا الدعاء من الملائكة كمال معرفتهم بربهم، والتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى التي يحب من عباده التوسل بها إليه، والدعاء بما يناسب ما دعوا الله فيه ... وتضمن كما أدبهم مع الله تعالى بإقرارهم بربوبيته لهم الربوبية العامة والخاصة، وأنه ليس لهم من الأمر شيء، وإنما دعاؤهم لربهم صدر من فقر بالذات من جميع الوجوه، لا يدلي على ربه بحالة من الأحوال؛ إن هو إلا فضل الله وكرمه وإحسانه.

وتضمن موافقتهم لربهم تمام الموافقة؛ بمحبة ما يحبه من الأعمال التي هي العبادات التي قاموا بها واجتهدوا اجتهاد المحبين، ومن العمال الذين هم المؤمنون الذين يحبهم الله تعالى من بين خلقه" (٢). فهي عبادة دائمة لا تنقطع، وهم في حال قيامهم بها خاضعون منكسرون، لا تعتريهم كلالة ولا تنتابهم ملالة، قال تعالى: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (٣٨)} فصلت: ٣٨، وقال سبحانه: {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩)} الأنبياء: ١٩.

كما أن في هذه الآية رداً على من صرف شيئاً من الألوهية أو الربوبية لهم، بأنهم عباد الله، ولا يجوز صرف شيء من خصائص الربوبية إلا لمستحقها وهو الله - عز وجل -، فكانت هذه الآية دليل على أن دعوى الإلهية لا تجوز لأحد من المخلوقين، لا ملك ولا غيره.

٤ - في قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (٢٦)} النجم: ٢٦. ففي هذه الآية رد على من يعبدون الملائكة ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله


(١) كما فعل ابن الجوزي -عفا الله عنه- في صيد الخاطر (ص ٧٥).
(٢) تيسير الكريم الرحمن (ص ٧٣٣).

<<  <   >  >>