للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥)} الأنعام: ١١٥؛ وفيه من العلم الذي تعقد عليه الخناصر، وتفنى في تدوينه الأقلام والمحابر ولا يشبع واردوه، ولا يمل من النظر فيه قاصدوه، فهو الكفيل بمصالح العباد، في المعاش والمعاد، والموصل لهم إلى سبيل الرشاد (١).

قال الإمام أحمد - رحمه الله -: ((لو تدبر إنسان القرآن كان فيه ما يرد على كل مبتدع وبدعة)) (٢).

ولما كان كتاب الله بهذه المثابة، وكان المصدر التشريعي، والداعي إلى الحق الذي هو العدل والوسطية في العقيدة والشريعة والأخلاق، فإنه يرى فيه بوضوح دلالته على المنهج الحق منهج أهل السنة والجماعة في الرد على البدع المتقابلة، ولقد دأب علماؤنا وأسلافنا منذ الصدر الأول على محاربتها والتحذير منها، عملاً بمقتضى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فقاموا عليها بسيوف قاطعة، مرهفة باترة، فاجتثوا شجرتها، وكسروا شوكتها، فانحسرت غمومها، وانقشعت همومها، وطهروا منها البلاد، وأنقذوا منها العباد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وكل من كان أعرف بفساد الباطل كان أعرف بصحة الحق" (٣)، وأصل هذا المعنى مستقى من السنة، فعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: ((كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني .. )) (٤).

ولذلك اخترتُ هذا الموضوع: "الآيات القرآنية الواردة في الرد على البدع المتقابلة دراسة عقدية"، ليكون أطروحة مرحلة الدراسة العالمية العالية: "الدكتوراه"، والله أسأل التوفيق والإعانة فيما آتي وأذر.


(١) ينظر: مدارج السالكين (١/ ٣٠).
(٢) السنة للخلال، رقم الأثر (٩١٢) (ص ٣/ ٥٤٦).
(٣) درء التعارض (٥/ ٢٥٨).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم: (٣٤١١)، وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة، برقم: (١٨٤٧).

<<  <   >  >>