للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يخالف أهل السنة والجماعة في ذلك إلا الكلابية والأشعرية، الذين أنكروا أن يكون كلام الله مكتوباً في المصاحف؛ بناءاً على زعمهم أن كلام الله معنى قائم بالنفس، وأما المكتوب في المصاحف فهو حكاية أو عبارة عن كلام الله (١).

والتبرك عند أهل السنة والجماعة ينقسم من جهة حكمه إلى قسمين (٢):

أ- تبرك مشروع: وهو أن يفعل المسلم العبادات المشروعة طلباً للثواب المترتب عليها، ومن ذلك أن يتبرك بقراءة القرآن والعمل بأحكامه، فالتبرك به هو ما يرجو المسلم من الأجور على قراءته له وعمله بأحكامه.

ب- تبرك ممنوع: وهو ينقسم من حيث حكمه إلى قسمين:

١ - تبرك شركي: وهو أن يعتقد المتبرِّك أن المتبرَّك به - وهو المخلوق - يهب البركة بنفسه، فيبارك في الأشياء بذاته استقلالاً (٣)؛ لأن الله تعالى وحده موجد البركة وواهبها، فقد ثبت في صحيح البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (البركة من الله) (٤)، فطلبها من غيره، أو اعتقاد أن غيره يهبها بذاته شرك أكبر.

٢ - تبرك بدعي: وهو التبرك بما لم يرد دليل شرعي يدل على جواز التبرك به، معتقداً أن الله جعل فيه بركة، أو التبرك بالشيء الذي ورد التبرك به في غير ما ورد في الشرع التبرك به فيه، وهذا بلا شك محرم؛ لأن فيه إحداث عبادة لا دليل عليها من كتاب أو سنة؛ ولأنه جعل ما ليس بسبب سبباً، فهو من الشرك الأصغر؛ ولأنه يؤدي إلى الوقوع في الشرك الأكبر (٥).

وصور تبرك المخالفين بالقرآن الكريم كثيرة، والبدع فيها غير محصورة، ومنها:


(١) ينظر: مقالات الإسلاميين (٢/ ٢٥٧ - ٢٥٨).
(٢) ينظر: مختصر تسهيل العقيدة الإسلامية (ص ٢٨٨ - ٢٩٠).
(٣) ينظر: جهود علماء الحنفية لشمس الدين الأفغاني (٣/ ١٥٧٥ - ١٥٧٨)، وتيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، لسليمان بن عبد الله، باب من تبرك بشجرة أو حجر (ص ١٤٨).
(٤) صحيح البخاري، آخر كتاب الأشربة "٥٦٣٩". وروى مسلم في صحيحه، في الصلاة "٧٧١" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعائه في استفتاح الصلاة: " والخير كله في يديك ".
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى (٢٧/ ١٣٧)، وتيسير العزيز الحميد (ص ١٤٨، ١٥٣)، والقول السديد للسعدي (ص ٥٣)، والقول المفيد لابن عثيمين، باب من تبرك بشجرة أو حجر (١/ ١٩٤)، وكتاب التوحيد للدكتور صالح الفوزان (ص ١١٢).

<<  <   >  >>