للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتابة القرآن في الحروز ومعها شيء من الطلاسم الشركية، والحسابات والمبتدعات (١)، والتعاويذ، وتعليقه على الصبيان، والنساء، بل والدواب، وهذا كله زعم منهم أنه من باب التداوي (٢)! ! ، فيجعل القرآن تلبيسا، والمقصود الشرك تأسيسا، بل ربما كان فيها نوع استعانة بالجن (٣)، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " وعامة ما يقوله أهل العزائم فيه شرك، وقد يقرؤون مع ذلك شيئا من القرآن، ويظهرونه، ويكتمون ما يقولونه من الشرك، وفي الاستشفاء بما شرعه الله ورسوله ما يغني عن الشرك وأهله" (٤)، كما أن كتابة التمائم من القرآن لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان هذا سائغا شرعاً، ونافعاً كونا، لأرشد إليه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - (٥)، ولا شك أن منع التمائم من القرآن وغيره (٦)، فيه سد لباب الذرائع، وهو باب عظيم معمول به في الشرع، وقد حمى النبي - صلى الله عليه وسلم - جانب التوحيد، فمنع من الألفاظ الموهمة والمؤدية إلى الشرك، فكيف يجيز ما يكون ذريعة إلى الشرك؟ ووسيلة إليه؟ ! .

وقريب من هذا التبرك غير المشروع، ما يفعله بعض أهل البدع من كتابة القرآن على الأثواب، ولبس ذلك لإخراج الجن، أو يكون ذلك تبركا، ولعل هذا كان معروفا في القدم (٧)، وهذا يدل أن هناك ثيابا كانت ترقم ويكتب فيها القرآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومن ذلك قراءتهم -تبركا- القرآن على الميت! ! ، ووضع المصحف على القبر، فإن هذا من البدع المنكرة، وليس هذا سبيل التبرك، أو وضع المصحف عند رأس المحتضر تبركاً (٨)، قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - معلقاً على ما في الفتح: " الأحكام التي تنسب إلى الدين، لا بد من ثبوتها في نصوص الدين، وكل ما لم يكن في زمن التشريع، وفي نصوص التشريع؛ فهو مردود على من يزعمه، وتقدم قول الإمام الشافعي: ولكننا نتبع السنة فعلا وتركاً" (٩).


(١) ينظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر للهيثمي (١/ ٢٧٤)، وقد بين الشيخ ابن باز رحمه الله أن المعلقين للتمائم إنما يريدون البركة والنفع، ولهذا يعلقون التمائم. ينظر: فتاوى وتنبيهات (ص ٢٥٣).
(٢) ينظر: التبيان للنووي (ص ١٥٩).
(٣) ينظر: معيد النعم ومبيد النقم للسبكي (ص ١١٧)، التمائم في ميزان العقيدة د. علي نفيع العلياني.
(٤) مجموع الفتاوى (١٩/ ٦١).
(٥) حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم (ص ٨٦).
(٦) حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم (ص ٨٦).
(٧) ولهذا ذكر البهوتي في كشاف القناع، فقال: " وهل يجوز مس ثوب رقم بالقرآن! ! " كشاف القناع عن متن الإقناع (١/ ١٢٥).
(٨) ينظر: بدع الجنائز للألباني (ص ٢٤٣)، وبدع المقابر والجائز لعلي الطهطاوي (ص ١٤٤).
(٩) حاشية الفتح (٢/ ٥٥٥)، الطبعة السلفية.

<<  <   >  >>