للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤)} المطففين: ٤، وقال: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦)} القيامة: ٣٦، أي: كيف يظن أن يترك بعد موته، فلا يبعث، ولا يحاسب! .

ثم استدل على هذا الإنكار بما بعده من الآيات، وأن من خلقه من نظفة، ثم علقة، ثم سوّى خلقه، فلا بد أن يحييه، ويحاسبه، ووجه الدلالة أن من أحيا نفساً واحدة بعد موتها، قادر على إحياء جيمع النفوس، كما قال تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨)} لقمان: ٢٨، فكانت هذه الآية رادة على الغلاة والجفاة.

٥ - قال تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠)} الأنعام: ٢٩ - ٣٠، لما ذكر - عز وجل - إنكارهم للبعث، أعقبه - سبحانه وتعالى - بوصف حالهم حين يحشرون إلى الله، وهو حال البعث الذي أنكروه، وهذا أسلوب قرآني فريد في المناظرة، ففي خضم عرض شبهتهم، وما هم فيه من باطل القول، ينتقل بهم الموقف إلى لحظة وقوفهم بين يدي الله تعالى يسألهم عن بعثهم بعد موتهم بأسلوب استفهام تقريري! ، وحينئذٍ لا يجدون سوى التسليم والاعتراف: {قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} (١)، فكانت هذه الآية رادة على المنكرين لليوم الآخر، كما أنها رادة على الذين آمنوا به على غير الصفة التي جاءت بها الشرائع.


(١) ينظر: التحرير والتنوير (٧/ ٢٤٥)، المقولات التي أبطلها القرآن ومنهجه في إبطالها (ص ٣٦٢ - ٣٦٣).

<<  <   >  >>