للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-أن من أعظم ما امتاز به أهل السنة والجماعة على غيرهم من الطوائف إصابة النظرة الشمولية للدلائل الشرعية، وهذا النظرة مبنية على اليقين القاضي بامتناع مناكدة صحيح المنقول لصريح المعقول، والانحطاط عن رتبة هذه النظرة عند كل مخالف لهم إنما يتأتى من التقصير في فقه العلاقة بين هذين الدليلين.

-أن علاقة القرآن الكريم بالكتب السماوية في حالتها الأولى -التي نزلت بها-هي التصديق والتأييد الكلي، وأن علاقته بها في حالتها الثانية -بعد التحريف-علاقة تصديق لما بقي منها على أصله وتصحيح لما طرأ عليها من تحريف وتبديل.

- الحقيقة المهمة التي هي نتيجة التتبع والاستقراء أن الطوائف التي خالفت أهل السنة في كل باب من أبواب الاعتقاد، قد اتفقت ابتداء على مخالفة أهل السنة بشبهة مشتركة بين تلك الطوائف، ثم إنها بعد اتفاقها على تلك الشبهة اختلفت فيما بينها حول لوازم تلك الشبهة؛ لأن كل طائفة أضافت إلى الشبهة المشتركة بين تلك الطوائف أصلاً قيدت به موقفها من تلك الشبهة المشتركة، فنشأ عن ذلك افتراق تلك الطوائف فيما بينها بعد أن اتفقت على مفارقة أهل السنة ابتداء، وبيان ذلك فيما يلي:

*أن من أسباب الانحراف في الربوبية نفي الصفات؛ لأنه لما كان الاعتراف بالربوبية لا يتم إلا بالإيمان بصفاته تعالى، كان نفي صفات الله تعالى من أسباب الانحراف في باب الربوبية، وبهذا يتبين سبب انحراف كثير من الفرق.

*أما أسباب الانحراف في توحيد الألوهية فتعود إلى سببين رئيسين هما:

١ - الخطأ في تصور التوحيد الذي أرسل لأجله الرسل، وأنزلت من أجله الكتب، وطُلبَ من العباد تحقيقه. ٢ - الخطأ في تصور حقيقة الرب وحقيقة الإله ومدلول الكلمتين، ومن ثم جعلهما شيئاً واحداً.

*وترجع أسباب انحراف الفرق في توحيد الأسماء والصفات، إلى سببين كذلك هما:

١ - خوضهم في تصور كيفية اتصاف الرب بهذه الصفات، مما أوقعهم في التشبيه العقلي بين الخالق والمخلوق، ومن ثم الخوض بالمبالغة في التنزيه أو الإثبات، مما أدى بهم إلى التمثيل والتعطيل، فأما المشبهة فالتزموا بهذا اللازم -دعوى أنه يلزم من إثبات القدر المشترك بين صفات الله تعالى وبين صفات خلقه تشبيه الله تعالى

<<  <   >  >>