للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بخلقه-، وأما المعطلة فرأوا أنه يلزم منه الكفر فعطلوا الله تعالى عن الصفات التي يدعون أنه يلزم من إثباتها تشبيه الله تعالى بخلقه.

٢ - الخلل في طريقة الاستدلال، وذلك باعتمادهم على مقدمات وأقيسة عقلية، جعلوها مصدر هداية، وأصلاً يُصار إليه عند الاختلاف، وادَّعوا أن النصوص التي جاءت بها الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- في إثبات الصفات تبعٌ لها؛ لذا فقد صيروا هذه الأصول عمدة لهم في توحيد الله تعالى، فنتج عن التزامهم بها، إنكار صفات الله - عز وجل -، بل تشبيهه - عز وجل - بالمعدومات التي تحيلها العقول في التصور الذهني؛ لأن مدار الإثبات والنفي عندهم على ما يزعمونه من العقليات (١) لا على النقل.

* أن الأصل الذي نشأ منه النزاع بين المبتدعة في مسائل الإيمان، وسبب انحرافهم فيه، أصل واحد اتفقت عليه الأطراف المتناقضة جميعاً، وانطلقوا منه: هو أن الإيمان شيء (٢) واحد لا يزيد ولا ينقص ولا يتبعض، وأنه لا يجتمع في القلب الواحد إيمان ونفاق، ولا يكون في أعمال العبد الواحد شعبة من الشرك وشعبة من الإيمان (٣)، ثم تضاربت عقائدها المؤسسة عليه، فانقسم الناس إلى طرفين متقابلين، طرف انتهج الغلو والإفراط والزيادة! ! وطرف سلك طريق التقصير والتفريط والنقصان! .

*أما الإيمان بالملائكة وما يدخل تحته يكاد ألا يكون فيه موضع خلاف بين أهل السنة وغيرهم، فالقول فيه متفق عليه تماما بين غالبية الفرق المنتسبة للإِسلام، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " وليس بين أهل الملل خلاف في أن الملائكة جميعهم مخلوقون" (٤).

*أن انحراف أصحاب البدع المتقابلة في الإيمان بالكتب، يعود إلى أسباب ثلاثة هي:


(١) العقليات الصريحة لا تعارض النقل الصحيح بحال، المراد هنا العقليات الفاسدة.
(٢) وهو ما أطلقوا عليه بعد استخدام المصطلحات الفلسفية والمنطقية "الماهية"، وقالوا: إن للإيمان ماهية معينة لا تقبل التعدد ولا التبعيض، إما أن توجد وإما أن تفقد فلا أبعاض له بحيث يذهب بعضه ويبقى بعضه. وسيأتي مزيد بيان لهذا.
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٥١٠).
(٤) بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية، لابن تيمية (ص ٢٣٢).

<<  <   >  >>