للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما عقوبة أهل البدع بما دون القتل فثابت عن السلف، وهذه العقوبات غير مقدرة؛ لأن الأصل في التعزير أنه غير مقدر لا جنسه ولا صفته، وإنما يرجع إلى اجتهاد الحاكم، وولاة الأمور من القضاة وغيرهم (١).

بهذا يتضح أن أهل العلم كانوا حماة للعقيدة، حراسًا للشريعة؛ فما يظهر باطل إلا ويتهافت بين يدي علمهم، فجزاهم الله عنا خيراً.

وقد شاء الله لدعوتهم التكامل لمسيرة الإسلام مع الرحمة لأتباعه والشفقة عليهم من مجانبة صوابه، وتلك مشيئة الله وحكمته {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ} الصف: ٨ (٢).

وبمعرفة ما مضى يُعرف سبب شدة السلف والعلماء ومن بعدهم على البدع وأهلها، وإعظامهم أمرها، ووصفهم لها بأنها من مبادئ الكفر ومظانه، وأنها مشتقة منه، وأنها شعبةٌ من شعبه، وبريدٌ إليه (٣)، قال شيخ الإسلام: " فإن البدع لا تزال تخرج الإنسان من صغير إلى كبير حتى تخرجه إلى الإلحاد والزندقة" (٤). عياذاً بالله من ذلك.


(١) ومن هذه العقوبات جلدهم، وكذلك سجنهم ونفيهم وتغريبهم، وإهانتهم، وتحريق كتبهم وإتلافها، وهدم وتحريق أماكنهم التي يجتمعون فيها للبدع كبيوتهم ومساجدهم ... وغير ذلك من أنواع التعزير التي دلت عليها النصوص وأقوال السلف وأفعالهم.
ينظر: موقف أهل السنة من أهل الأهواء والبدع (٢/ ٦١٣ - ٦٣١).
(٢) ينظر: شرح السنة (١/ ٢٢٦ - ٢٢٧)، عقيدة السلف أصحاب الحديث لأبي إسماعيل الصابوني (ص ١١٢)، تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة (ص ٨٨)، رسالة (هجر المبتدع) للشيخ بكر أبو زيد (ص ٣٢)، موقف أهل السنة من أهل الأهواء والبدع للرحيلي (٥٨٧ - ٥٩٢)، التفسير السياسي للقضايا العقدية في الفكر العربي لسلطان العميري (ص ٩٥ - ٩٧)، البدع العلمية المتعلقة بالقرآن الكريم لأحمد آل عبد الكريم (ص ٥ - ٦).
(٣) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٦١٢)، ومجموع الفتاوى (٢/ ٢٣٠ - ٢٦٩)، ودرء التعارض (٥/ ٢٠٩).
(٤) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٣٠٦).

<<  <   >  >>