للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وقال ابن عقيل في "الفنون" (١): جرى في جواز العمل في السلطنة بالسياسة الشرعية: أنه هو الحزم، ولا يخلو من القول به إمام. فقال شافعي: لا سياسة إلا ما وافق الشرع. فقال ابن عقيل: السياسة ما كان فعلًا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد (٢)، وإن لم يضعه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا نزل به وحي. فإن أردت بقولك: "إلا ما وافق الشرع" أي لم يخالف ما نطق به الشرع: فصحيح. وإن أردت: لا سياسة إلا ما نطق به الشرع، فغلط، وتغليط للصحابة. فقد جرى من الخلفاء الراشدين من القتل والتمثيل ما لا يجحده عالم بالسنن، ولو لم يكن إلا تحريق المصاحف (٣)، فإنه كان رأيًا اعتمدوا فيه على مصلحة الأمة، وتحريق علي - رضي الله عنه - الزنادقة (٤) في الأخاديد فقال:


(١) انظر: بدائع الفوائد (٣/ ١٥٢)، إعلام الموقعين (٤/ ٤٥١)، الفروع (٦/ ١١٥)، مطالب أولي النهى (٦/ ٢٢٤).
(٢) وقيل السياسة: هي القانون الموضوع لرعاية الآداب والمصالح وانتظام الأموال. البحر الرائق (٥/ ١١٨). وعرفها بعضهم: بأنها تغليظ جناية لها حكم شرعي حسمًا لمادة الفساد. السياسة الشرعية لدده أفندي (٧٣)، ولابن نجيم (١٧)، حاشية ابن عابدين (٤/ ١٦).
(٣) رواه البخاري (٨/ ٦٢٧) رقم (٤٩٨٧) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٤) الزنادقة: جمع زنديق فارسي معرَّب وهو الذي يُظهر الإسلام ويخفي الكفر. المطلع (٣٧٨)، الإقناع لطالب الانتفاع (٤/ ٢٩٣)، أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٣٥٨)، حاشية العدوي على خليل (١/ ٤٧).