للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دعوا للتحمل، أو للأداء؟ على قولين للسلف (١)، وهما روايتان عن أحمد (٢)، والصحيح: أن الآية تعمهما، فهي حق له، يأثم بتركه ويتعرض للفسق والوعيد، ولكن ليست حقًّا تصح الدعوى به والتحليف عليه؛ لأن ذلك يعود على مقصودها بالإبطال، فإنه مستلزم لاتهامه (٣) والقدح فيه بالكتمان.

وقياس المذهب: أن الشاهد إذا كتم شهادته بالحق ضمنه؛ لأنه أمكنه تخليص حق صاحبه فلم يفعل، فلزمه الضمان، كما لو أمكنه تخليصه من هلكة فلم يفعل.

وطرد هذا الحاكم إذا تبين له الحق فلم يحكم لصاحبه به، فإنه يضمنه؛ لأنه أتلفه عليه بترك الحكم الواجب عليه.

فإن قيل: هذا ينتقض عليكم بمن رأى متاع غيره يحترق أو يغرق أو يسرق ويمكنه دفع أسباب تلفه، أو رأى شاته تموت ويمكنه ذبحها، فإنه لا يضمن في ذلك كله (٤).

قيل: المنصوص عن عمر - رضي الله عنه - وغيره: إنما هو فيمن


(١) انظر: تفسير ابن جرير (٣/ ١٢٦)، تفسير ابن أبي حاتم (٢/ ٥٦٢)، تفسير عبد الرزاق (١/ ٣٧٤)، تفسير ابن كثير (١/ ٤٩٨)، أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٣٨).
(٢) انظر: المغني (١٤/ ١٣٧)، الشرح الكبير (٢٩/ ٢٤٩)، الإنصاف (٢٩/ ٢٤٩).
(٣) في "أ": "يستلزم اتهامه".
(٤) في "د": "فإنَّه لا يضمن ذلك".