للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الأول: الكتب المؤلفة في القضاء]

إن الأمم لا تبلغ أوج عزها، ولا ترقى إلى عز مجدها إلا حين يعلو العدلُ تاجَها، وتبسطه على القريب والبعيد والقوي والضعيف، وإن العدل ليصل في الإِسلام قمته في الحكم والقضاء والفصل في الخصومات، فالقضاء في الإسلام يرتكز على أصول وقواعد وثوابت ذات عمق في تحصيل مصالح العباد، وحفظ حقوقهم، واستجلاب الأمن والخير والعدل في شتى صور حياتهم، فالعدل مرتبة شريفة، ومنزلة رفيعة، به قامت السماوات والأرض، وقد بعث الله تعالى به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم فقاموا به أتم قيام {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥)} [النساء: ١٠٥]، فبالعدل "يرفع التهارج، وترد النوائب، ويقمع الظالم، وينصر المظلوم، وتقطع الخصومات، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر .. " (١). "وبه الدماء تعصم وتسفح، والأبضاع تحرم وتنكح، والأموال يثبت ملكها وتسلب .. " (٢).

قال عمير بن سعد - رضي الله عنه -، وكان أميرًا على حمص: "ألا إن الإسلام حائط منيع، وباب وثيق، فحائط الإسلام العدل، وبابه الحق، فلا يزال منيعًا ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلًا بالسيف، ولا ضربًا بالسوط، ولكن قضاء بالحق وأخذ


(١) انظر: تبصرة الحكام (١/ ١٢) بتصرف يسير.
(٢) المرجع السابق (١/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>