للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل لابن عباس: ما معنى قوله: "لا يبع حاضرٌ لبادٍ"؟ قال: "لا يكون له سِمْسَارًا" (١).

وهذا النهي لما فيه من ضرر المشتري، فإنَّ المقيم إذا وكله القادم (٢) في بيع سلعة يحتاج النَّاس إليها، والقادم لا يعرف السعر، أضرَّ ذلك بالمشتري (٣)، كما أنَّ النَّهي عن تلقي الجلب لما فيه من الإضرار بالبائعين.

ومن ذلك الاحتكار (٤) لما يحتاج النَّاس إليه، وقد روى مسلم في صحيحه (٥) عن معمر (٦) بن عبد الله: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ"، فإنَّ المحتكر الَّذي يعمدُ إلى شراء ما يحتاج إليه النَّاس من الطعام فيحبسه عنهم ويريد إغلاءه عليهم هو ظالمٌ لعموم النَّاس، ولهذا كان لولي الأمر أن يكره المحتكرين على بيع ما عندهم بقيمة المثل، عند ضرورة النَّاس إليه، مثل من عنده طعام لا يحتاج إليه، والنَّاسُ في مخمصة، أو سلاح لا يحتاج إليه، والنَّاسُ يحتاجون إليه للجهاد، أو


(١) رواه البخاري رقم (٢١٥٨) (٤/ ٢٣٣)، ومسلم (١٥٢١) (١٠/ ٤٢٠).
السمسار: هو متولي البيع والشراء لغيره. فتح الباري (٤/ ٤٣٤).
(٢) في "أ" و"جـ": "إذا توكل للقادم".
(٣) في "أ": "بالمشترين".
(٤) الاحتكار عند الجمهور: حبس الطعام للغلاء. التعريفات (٢٦)، وانظر: المبدع (٤/ ٤٧)، الدر المنتقى للحصكفي بهامش مجمع الأنهر (٢/ ٥٤٧)، المنتقى (٥/ ١٥)، شرح مسلم للنووي (١١/ ٤٦)، مغني المحتاج (٢/ ٨٣).
(٥) في المساقاة باب تحريم الاحتكار في الأقوات رقم (١٦٠٥) (١١/ ٤٦).
(٦) في "أ" و"جـ" و"د": "يعمر".