للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موضع (١)، وهذا من كمال فهمهم وعلمهم بالجامع والفارق والحكم والمناسبات، ولم يرتضوا (٢) لأنفسهم عبارات (٣) المتأخرين واصطلاحاتهم وتكلفاتهم، فهم كانوا أعمق الأمة علمًا، وأقلهم تكلفًا، والمتأخرون عكسهم في الأمرين.

فعثمان بن عفان قال لابن عمر: "احلف بالله لقد بعت العبد وما به داء علمته" (٤)، فأبى، فحكم عليه بالنكول، ولم يرد اليمين في هذه الصورة على المدعي، ويقول له: احلف أنت أنَّه كان عالمًا بالعيب؛ لأنَّ هذا ممَّا لا يمكن أن يعلمه المدعي، ويمكن المدعى عليه معرفته، فإذا لم يحلف المدعى عليه لم يكلف المدعي اليمين، فإنَّ ابن عمر - رضي الله عنهما - كان قد باعه بالبراءة من العيوب، وهو إنَّما يبرأ إذا لم يعلم بالعيب، فقال له: "احلف أنك بعته وما به عيب تعلمه"، وهذا ممَّا يمكن (٥) أن يحلف عليه دون المدعي، فإنَّه قد تتعذر عليه اليمين أنَّه كان عالمًا بالعيب، وأنَّه كتمه مع علمه به.

وأما أثر عمر بن الخطاب - وقول المقداد: "احلف أنها سبعة آلاف"، فأبى أن يحلف، فلم يحكم له بنكول عثمان (٦) - فوجهه: أن


= تخريجه.
(١) كما في قصة المقداد مع عثمان - رضي الله عنهما -، وقد تقدم تخريجها.
(٢) في "و": "يرضوا".
(٣) في "د" و"هـ" و"و": "بعبارات".
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) في "د" و"هـ": "يمكنه".
(٦) تقدم تخريجه.