للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإما تخييرًا (١)، والحكم إمَّا بالإقرار وإمَّا بالبينة، ومعلومٌ أنَّه مع الإقرار لا يرتفعون (٢) إلينا، ولا يحتاجون إلى (٣) الحكم غالبًا، وإنَّما يحتاجون إلى الحكم (٤) عند التجاحد وإقامة البينة، وهم في الغالب لا تحضرهم البينة من المسلمين، ومعلومٌ أنَّ الحكم بينهم مقصوده العدل، وإيصال كل ذي حقٍّ منهم إلى حقِّه، فإذا غلب على الظن صدق مدعيهم بما يحضره من الشهود الَّذين يرتضونهم فيما بينهم، ولا سيما إذا كثروا (٥)، فالحكم بشهادتهم أقوى من الحكم بمجرد نكول ناكلهم أو يمينه، وهذا ظاهر جدًّا.

قالوا (٦): وأمَّا قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] وقوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢]، فهذا إنَّما هو في الحكم بين المسلمين، فإنَّ السياق كله في ذلك، فإنَّ الله - سبحانه وتعالى - قال:


(١) قال تعالى: {فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ... } [المائدة: ٤٢]. وانظر: تفسير ابن جرير (٤/ ٥٨٢)، تفسير ابن كثير (٣/ ١٠٩)، زاد المسير (٢/ ٣٦١)، تفسير الماوردي (٢/ ٤١)، أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ١٢٣)، تفسير ابن أبي حاتم (٤/ ١١٣٥).
(٢) وفي "د" و"و": "لا يرفعون".
(٣) "ولا يحتاجون إلى" ساقطة من "و".
(٤) "غالبًا وإنَّما يحتاجون إلى الحكم" ساقطة من "ب".
(٥) في "ب": "ذكروا".
(٦) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٤/ ١٦١) تفسير القرطبي (٦/ ٣٥٠)، المبسوط (٣٠/ ١٥٢)، السيل الجرار (٤/ ١٩٥).