للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فامتنع، لم يذكر أنَّه كان هناك من عنده طعام امتنع من بيعه، بل عامة من كان يبيع الطعام إنما هم جالبون يبيعونه إذا هبطوا السوق، ولكن "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضرٌ لبَادٍ" أي أن يكون له سمسارًا، وقال: "دَعُوا النَّاس يَرْزُقُ الله بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ" (١)، فنهى الحاضر العالم بالسعر أن يتوكل للبادي الجالب للسلعة؛ لأنَّه إذا توكل له - مع خبرته بحاجة النَّاس - أغلى الثمن على المشتري، فنهاه عن التوكل له، مع أنَّ جنس الوكالة مباح، لما في ذلك من زيادة السعر على النَّاس، ونهى عن تلقي الجلب، وجعل للبائع إذا هبط السوق الخيار.

ولهذا كان أكثر الفقهاء على أنَّه نهى عن ذلك لما فيه من ضرر البائع هنا (٢)، فإذا لم يكن قد عرف السعر، وتلقاه المتلقي قبل إتيانه إلى السوق، اشتراه المشتري بدون ثمن المثل فغبنه، فأثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذا البائع الخيار.

ثمَّ فيه عن أحمد روايتان (٣) كما تقدم، إحداهما: أنَّ الخيار يثبت له مطلقًا، سواء غبن أم لم يغبن، وهو ظاهر مذهب الشافعي (٤).


= (٤/ ٩٣).
(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: المغني (٦/ ٣١٤)، معاني الآثار (٤/ ٩).
(٣) انظر: الإنصاف (١١/ ٣٣٨)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٢٤)، كشاف القناع (٣/ ١٨٤)، مطالب أولي النهى (٣/ ٥٦)، المغني (٦/ ٣١٣).
(٤) انظر: التنبيه (٩٦)، روضة الطالبين (٣/ ٧٦)، مختصر المزني (٩/ ٩٨)، أسنى المطالب (٢/ ٣٨)، الغرر البهية (٢/ ٤٣٧)، شرح النووي لصحيح مسلم (١٠/ ٤١٩).