للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلا فليس ذلك بشرط، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما حكم بالشاهد واليمين لم يشترط اليمين، بل قوى بها شهادة الشاهد.

وقال أبو داود في "السنن" (١): باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به. ثم ساق حديث خزيمة بن ثابت: "أَنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أعْرابي (٢)، فَأَسْرَعَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - المَشْيَ، وَأَبْطَأَ الأَعْرَابِي، فَطفِقَ (٣) رِجَال يَعْتَرِضُونَ الأَعْرابي، فَيسَاوِمُونَه بِالفَرَس، وَلَا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ابْتَاعَهُ، فَنَادَى الأَعْرابِي رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الفَرَسَ وَإِلَّا بعْتُهُ، فَقَامَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الأَعْرَابِي، فَقَالَ: "أَوَ لَيْسَ قَد ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟ " قَالَ الأَعْرَابِي: لَا وَاللهِ، مَا بعْتُكَ، فَقَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "بَلَى، قَد ابْتَعْتُهُ مِنكَ". فَطَفِقَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيدًا. فَقَالَ خَزَيْمَةُ بْن ثَابِت: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّك قَدْ بَايَعْته فَأقْبَلَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خُزَيْمَةَ، فَقَالَ: "بِمَ تَشْهَدُ؟ " قَالَ: بتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ الله، فَجَعَلَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - شَهَادَةَ خُزَيَمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَينِ". ورواه النسائي (٤). وفي هذا الحديث عدة فوائد:


(١) (١٠/ ٢٥) "مع شرحه عون المعبود".
(٢) واسمه: سواء بن الحارث، وقيل: سواء بن قيس المحاربي. الغوامض والمبهمات لابن بشكوال (١/ ٣٩٠)، مختصر سنن أبي داود للمنذري (٥/ ٢٢٤)، الإصابة (٢/ ٩٣).
(٣) طفق يفعل كذا أي جعل يفعل. مختار الصحاح (٣٩٤)، لسان العرب (١٠/ ٢٢٥).
(٤) سبق تخريجه ص: ٩٧.