للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان إذا أراد غزوة ورَّى (١) بغيرها (٢).

وكان الصديق - رضي الله عنه - يقول في سفر الهجرة لمن يسأله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: من هذا بين يديك؟ فيقول: "هاد يدلني على الطريق" (٣).

وكذلك الصحابة من بعده.

فروى زيد بن أسلم عن أبيه قال: قَدِمَتْ على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حُلل (٤) من اليمن، فقسمها بين الناس، فرأى فيها حلةً رديئةً، فقال: كيف أصنع بهذه؟ إن أحدًا لم يقبلها، فطواها وجعلها تحت مجلسه، وأخرج طرفها، ووضع الحلل بين يديه، فجعل يقسم بين الناس. فدخل الزبير وهو على تلك الحال، فجعل ينظر إلى تلك الحلة، فقال: ما هذه الحلة؟ فقال عمر: دعها عنك، قال: ما شأنها؟ قال: دعها. قال: فأعطنيها. قال: إنك لا ترضاها، قال: بلى، قد


(١) التورية اصطلاحًا: أن يريد المتكلم بكلامه خلاف ظاهره. التعريفات (٩٧).
وانظر: التوقيف (٢١٤)، عمدة القاري (١٢/ ٢٩)، جامع الأصول (٢/ ٥٧٦).
(٢) البخاري (٦/ ١٣١) رقم (٢٩٤٧) و (٢٩٤٨)، ومسلم (٢٧٦٩) (١٧/ ١٠٦) من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه.
(٣) البخاري (٧/ ٢٩٣) رقم (٣٩١١) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٤) الحلل: جمع حُلة وهي ثياب ذات خطوط ولا تكون إلا من ثوبين، وقال أبو عبيد: الحلل برود اليمن. انظر: النهاية (١/ ٤٣٢)، هدي الساري مقدمة فتح الباري (١١٣)، شرح السيوطي لسنن النسائي (٣/ ٩٦).