للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢]، فيه دليلٌ على أنَّ الشاهد إذا نسِيَ شهادته فذكره بها غيره لم يرجِعِ إلى قوله حتى يذكرها وليس له أن يقلده، فإنَّه سبحانه قال: {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} ولم يقل: فتخبرها، وفيها قراءتان (١): التثقيل والتخفيف (٢)، والصحيح: أنَّهما بمعنى واحد من "الذِّكْرِ" وأبعد من قال: فيجعلها ذَكَرًا، لفظًا ومعنى (٣)، فإنَّه سبحانه جعل ذلك علَّة للضلال (٤) الَّذي هو ضد الذِّكر، فإذا ضلت أو نسيت ذكرتها الأخرى فذكرت، وقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ} تقديره عند الكوفيين: لئلا تضل إحداهما، ويطردون ذلك في كلِّ ما جاء من هذا، كقوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: ١٧٦] ونحوه.

ويرد عليهم نصب قوله: {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢] إذ يكون تقديره: لئلا تضل، ولئلا تذكر، وقدَّره البصريون بمصدر


= الباري (٥/ ١٧٥)، وقال أبو داود: "سالم - يعني ابن أبي الجعد - لم يسمع من شرحبيل - ابن السمط -" ا. هـ. السنن (٥٦٢).
(١) في "ب": "قولان".
(٢) انظر: كتاب الإقناع في القراءات السبع (٢/ ٦١٦)، البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة (٥٥)، المبسوط في القراءات العشر (١٣٧)، الكشف عن وجوه القراءات السبع (١/ ٣٢٠)، الغاية في القراءات العشر (٢٠٧)، قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتخفيف وشدَّد الباقون.
(٣) وممَّن قال بذلك سفيان بن عيينة رحمه الله. رواه عنه ابن جرير في التفسير (٣/ ١٢٤).
(٤) وفي "د" و"هـ": "عليه الضلال".