للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمقصود: أن الحبس في الدين من جنس الضرب بالسياط والعصي فيه، وذلك عقوبة لا تسوغ إلا عند تحقق السبب الموجب، ولا تسوغ بالشبهة، بل سقوطها بالشبهة أقرب إلى قواعد الشريعة من ثبوتها بالشبهة (١)، والله أعلم.

وقال الأصبغ بن نباتة: بينا علي - رضي الله عنه - جالسًا في مجلسه، إذ سمع صيحة، فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجل سرق، ومعه من يشهد عليه، فأمر بإحضارهم فدخلوا، فشهد شاهدان عليه: أنه سرق درعًا، فجعل الرجل يبكي ويناشد عليًّا أن يتثبت في أمره، فخرج علي إلى مجمع (٢) الناس بالسوق، فدعا بالشاهدين فناشدهما الله (٣) وخوفهما، فأقاما على شهادتهما، فلما رآهما لا يرجعان دعا (٤) بالسكين وقال: ليمسك أحدكما يده ويقطع الآخر، فتقدما ليقطعاه، فهاج (٥) الناس، واختلط بعضهم ببعض، وقام علي عن الموضع. فأرسل الشاهدان يد الرجل وهربا. فقال علي: من يدلني على الشاهدين الكاذبين؟ فلم يوقف لهما على خبر، فخلى سبيل


(١) في "ب": "بالبينة". والشبهة في الاصطلاح: ما يشبه الثابت وليس بثابت. انظر: الهداية للمرغيناني (٤/ ١٣٩)، وكشف الأسرار شرح أصول البزدوي (١/ ٢٨٢)، فتح القدير (٥/ ٢٦٢)، غرر الأحكام (٢/ ٦٤)، الفتاوى الهندية (٢/ ١٤٧)، مجمع الأنهر (١/ ٥٩٢).
(٢) في "أ": "مجتمع".
(٣) في "ب" و"جـ" و"هـ": "فأشهدهما الله".
(٤) في "جـ": "أمر".
(٥) في "أ": "وماج".